أن يتواجد انتحاريا فندق "دي روي" في غرفة واحدة ويبيتا هناك ليال طويلة مع رصد خجول لتحركاتهما، لم يكن مستغربًا لموظفي الفندق ولن يكون كذلك لموظفي الفنادق بشكل عام في العاصمة بيروت التي تشتهر في منطقة الشرق الأوسط وخاصة في محيطها العربي بـ"السياحة الجنسية"، اذ يتوافد المئات سنويا من الدول العربية ودول الخليج بغرض السياحة الجنسية نظرا للتسهيلات المتوافرة في لبنان وخصوصًا أنّ البلد مفتوح بالنسبة لهم، فهم ليسوا بحاجة لتأشيرة دخول ولا يخضعون لأيّ مراقبة.
قبل "الانغماس" المستجد لـ"داعش" في لبنان، كان معظم الارهابيين والمخربين الأجانب يجدون بيئة حاضنة لهم في أكثر من منطقة لبنانية أو داخل أكثر من مخيم فلسطيني، هناك كانوا يبيتون ويتحركون بحرية كبيرة بمساعدة أفراد وحتى أحزاب معينة، أما وبعد انطلاق تطبيق الخطة الأمنية في شهر نيسان الماضي ورفع كل الأفرقاء السياسيين الغطاء عن عناصر كانوا أشبه بأدوات تستخدم لتحقيق أغراض سياسية، بات ارهابيو "داعش" يفتقرون الى المساحة والبيئة التي يحضرون فيها عملياتهم، ما دفعهم للجوء الى فنادق العاصمة بيروت مستفيدين من أكثر من فجوة أمنية بملف الفنادق.
وتقول مصادر معنية أن الارهابيين لجأوا مؤخرا للفنادق لسببين أساسيين، أولا لعدم اثارة الشبهة خصوصًا أن معظمهم من غير اللبنانيين، وثانيا للاستفادة من التسهيلات التي توفرها الفنادق وحجب الأنظار تحت عنوان السياحة الجنسية.
وتشير المصادر إلى أنّ فنادق بيروت كانت بشكل أساسي مقصد الارهابيين وليس الفنادق في لبنان بشكل عام باعتبار أنّهم كانوا يسعون للبقاء على مقربة من الأهداف التي يخططون لضربها والتي كان معظمها أخيرا في الضاحية الجنوبية لبيروت، معقل "حزب الله".
وتتوقع المصادر أن تتراجع ظاهرة لجوء الارهابيين الى الفنادق بعد الخطة الجديدة التي تم فرض تطبيقها على كل فنادق العاصمة دون استثناء وبعد عملية المسح التي أجريت لكل النزلاء، لافتة الى امكانية اعتماد هؤلاء بعد اليوم على شقق سكنية مفروشة في بيروت ومحيطها.
بالمقابل، تستبعد مصادر مطلعة على التحقيقات الجارية بالتفجيرات الأخيرة أن تنجح الخطط الجديدة المفروضة على الفنادق بالحد من لجوء الارهابيين اليها، باعتبار أن قسما كبيرا منهم قد يجعل منها مكانًا موقتا لاقامتهم بانتظار قرار مشغّليهم تنفيذ العملية، فلا يحمل الانتحاري معه أي سلاح او مواد متفجرة، انما يتم تسليمه سيارة مفخخة في مكان وزمان محددين قبل ساعات من تنفيذ التفجير.
وتشير المصادر الى أن الخطط الجديدة للتعاطي مع النزلاء المشتبه بهم تقضي بتحديد مدة اقامتهم فور وصولهم الى الفندق، وفي حال مكثوا مدة أطول يتم التحقيق معهم بالاسباب الكامنة خلف ذلك، كما يتم سؤالهم ما اذا انتقلوا من فندق الى آخر.
وتدقق الأجهزة الأمنية المختصة بالأشخاص الذين يتواصل معهم النزلاء المشتبه بهم وما اذا كانوا يجرون لقاءات مشبوهة، "الا ان كل هذه الاجراءات قد لا تكون كافية لكشف هويات الانتحاريين الارهابيين واحباط مخططاتهم نظرا للوسائل التي باتوا يستخدمونها بهدف التضليل".
وبغض النظر عن فعالية الخطط الجديدة، فقد أصيبت فنادق لبنان بنكسة كبيرة يُتوقع ألاّ تتخطاها قبل الصيف المقبل، نظرا لتردد عدد كبير من السياح العرب والخليجيين باللجوء اليها تفاديا لتحقيقات لم يعتادوها قبلا، ولتقيد العدد الاكبر من السياح غير العرب بتحذيرات حكومات بلادهم من عدم زيارة لبنان وتعريض حياتهم لمخاطر متعددة قد تطال حتى أماكن اقامتهم.