في اليوم الثاني على بدء الجولة الأخيرة من المفاوضات بين الدول الغربية من جهة وإيران من جهةٍ ثانيةٍ في فيينا، كشف دبلوماسي أممي معني بالملف النووي الإيراني أنّ المفاوضات الجارية حاليًا، والتي وصفها أكثر من مسؤول غربي وإيراني بالناجحة بالرغم من صعوباتها، تسير على وقع مفاوضات موازية بين واشنطن وطهران تتعلق بحسب المصدر بسلة إقليمية من المرجح أن يكون المفاوض الايراني ربطها بالمحادثات الجارية بين دولته ودول الخمس زائدة واحدة، بما يعني حلا شاملا على المستويات كافة بما فيها الملفات الامنية والسياسية المتصلة بالخليجين العربي والفارسي على حد سواء، إضافة إلى تلك الأمنية المتصلة بالحرب على الارهاب والساحات العربية والاسلامية التي شكلت مسرحًا لها ناهيك عن النفط والغاز وكل ما يتصل بها، أو استمرار الأزمة إلى عقود مقبلة في حال فشلت المفاوضات الجارية على خطين منفصلين في الشكل ومترابطين بالمضمون. بيد أنّ المحور الذي تنتمي إليه إيران ويشكل حلقة ثابتة في المنظومة الدولية يصرّ على تسوية شاملة أو تسعير الحرب الباردة واعادة عقارب الساعة الى الوراء.
وفي هذا السياق، يعرب الدبلوماسي المعني عن اعتقاده بأنّ الأمور تسير بخطى ثابتة نحو النجاح لسبب استراتيجي وحيد وهو أنّ فريقي الصراع الأساسيين يخشيان من تداعيات الفشل وبالتالي فهما محكومان بالنجاح حتى لو أدّى ذلك إلى تنازلات متبادلة وغير متوقعة لا سيما في الملف الاساسي الذي يدور النقاش حوله وهو كيفية التعاطي الدولي والاقليمي مع الخريطة الجيوسياسية المستجدة وما يمكن أن تحمله من تداعيات على صعيد الارهاب والتكفير والسبل الناجعة لمحاربتهما وحصر أخطارهما في الدول العربية والاسلامية وعدم امتداد النار إلى أوروبا وروسيا في ظل وجود خلايا نائمة فيهما لا يمكن الركون إليها ولو بعد حين.
ويبدو أنّ طهران تدرك جيّدًا مخاوف الغرب وهي تعمل على استغلالها بكلّ الطرق بعد أن قطعت الطريق على دول "الخمس زائد واحد" من خلال تجديد العقد النووي المتصل بمحطة ابو شهر الرئيسية مع روسيا ما سيدفع بالاخيرة إلى الاستمرار في الدفاع عن الموقف الايراني المتشدد إزاء كل الخطوات التي قد يلجأ اليها الغرب ما قد يحسم الملف النووي لمصلحة التوافق عليه وعلى تفاصيله كافة تمهيدًا لإحقاق سلة كبيرة تضمّ سلسلة من المواضيع الاستراتيجية المتصلة بالأحجام والأوزان ولعبة توزيع الأدوار الاقليمية والالتزام بالسقوف المنخفضة والتأسيس لاقتصادات تنسجم مع العولمة بتفاصيلها ومطباتها انطلاقا من الاعتبار أنّ العالم بأسره تحوّل إلى منظومة اقتصادية ليبرالية ورأسمالية في آنٍ واحد بعد سقوط الأنظمة الشيوعية والاشتراكية من قاموس التداول الدولي.
على خط متصل، يرى الدبلوماسي أنّ ما يشهده المحور الإقليمي الممتدّ من تركيا إلى سوريا ولبنان والعراق مرورًا باليمن وحدود المملكة العربية السعودية يرتبط بشكل وثيق بالمفاوضات الايرانية الاميركية، فواشنطن تلعب ورقة "داعش" مع علمها اليقين بأنّها ورقة آنية آيلة إلى انتهاء مدة صلاحيتها بدليل أنّ الموافقة على انفلاش المقاتلين التكفيريين لا تعني سوى إضعافهم وضعضعة صفوفهم بعد خلق مسافات جغرافية تضع خطوط الامداد العسكري في دائرة الخطر المباشر بحيث يسهل على الطائرات الاميركية من دون طيار التدخل بفاعلية من دون تعريض العنصر البشري للخطر وبالتالي تسهيل أعمال الجيش العراقي المدعوم من إيران ودفعه إلى المصالحة مع الكيان الكردي تمهيدًا للحدّ من الدور التركي وإضعافه لمصلحة المحور الاميركي في ظل خطوات متوازية للضغط على المملكة العربية السعودية لدفعها إلى تقديم تنازلات متفق عليها لمصلحة طهران خصوصًا أنّ واشنطن عادة ما تحتفظ بالربح لنفسها فيما ترمي الخسائر والاثمان على حلفائها.