يدخل لبنان بعد العشرين من تموز الجاري مرحلة بدء العد العكسي للتحضير لاجراء الانتخابات النيابية والتي ينبغي ان تتم في شهر ايلول المقبل بعد انتهاء فترة التمديد للمجلس النيابي الحالي.
وقد اعلن وزير الداخلية نهاد المشنوق ان الاجراءات العملية لاجراء هذه الانتخابات، وفق القانون الحالي القائم وهو قانون الستين المعدل، قد بدأت وذلك من خلال اصدار لوائح الشطب وتحضير الامور اللوجيستية، وبرر المشنوق عمله هذا لان الدستور والقانون يفرض عليه هذا الامر ، لان المطلوب التحضير لاجراء الانتخابات قبل شهرين من موعد انتهاء ولاية المجلس ، على ان تقوم الحكومة بتحديد مواعيد اجرائها وفق القانون الحالي ما لم يتم اصدار قانون جديد وهو متعذر حتى الان من الناحية السياسية والعملية الا اذا حصلت تطورات غير عادية تؤدي لوضع قانون جديد غير قانون الستين المعدل في اتفاق الدوحة.
فهل ستجري الانتخابات في مواعيدها القانونية وفقا لقانون الستين المعدل؟ ام سيتم اصدار قانون جديد للانتخابات خلال الاسابيع القليلة المقبلة؟ ام سيتم التمديد للمجلس النيابي الحالي مرة اخرى كما حصل قبل سنة ونصف؟ ام سندخل في فراغ نيابي يضاف الى الفراغ الرئاسي ويلحقه ايضا فراغ حكومي؟ ام تحصل انتخابات رئاسية قبل كل ذلك؟
النيابية قبل الرئاسية
قبل اشهر قليلة تحدثت مصادر قيادية في قوى 8 اذار في مجلس خاص جدا: ان الانتخابات النيابية ستجري وفقا لقانون الستين المعدل وقبل اجراء الانتخابات الرئاسية، وطلبت المصادر من المشاركين في اللقاء ان لا يعمموا هذا الكلام عن لسانها مباشرة واذا تم التعميم فليكن بحذر شديد كي لا يؤدي هذا الكلام الى صدمة في الرأي العام والذي كان يتحضر لاجراء الانتخابات الرئاسية انذاك.
وبعد تسريب اجواء اللقاء عبر بعض الوسائل الاعلامية المحدودة ،استغرب الكثيرون ذلك واستبعدوا حصول الامر واكدوا على اهمية اجراء الانتخابات الرئاسية وبسرعة ، لكن ها نحن وبعد شهرين ونصف تقريبا على تسريب هذه الاجواء نجد ان المسؤولين اللبنانيين وفي مقدمهم وزير الداخلية نهاد المشنوق يؤكدون بدء الاستعداد لاجراء الانتخابات النيابية قبل الرئاسية وضرورة التحضير لذلك وفقا للدستور والقوانين المعمول بها حاليا اي قانون الستين المعدل.
ومن خلال المعطيات السياسية المتوفرة حتى الان يبدو ان اجراء الانتخابات النيابية سيتقدم على اجراء الانتخابات الرئاسية ما لم تحصل تطورات غير عادية تؤدي للاتفاق على رئيس جديد للجمهورية وهذا ما هو متعذر حتى الان .
واما على صعيد القانون الذي سيتم اعتماده لاجراء الانتخابات النيابية فسيكون قانون الستين المعدل وفقا لاتفاق الدوحة لان الاتفاق على قانون جديد للانتخابات صعب.
وسيكون من المتعذر الاتفاق على قانون جديد خلال الاسابيع القليلة المقبلة التي تفصلنا عن موعد الانتخابات لان العماد ميشال عون عاد لطرح القانون الارثوذكسي ، في حين ان قوى اخرى تطرح النسبية وقوى 14 اذار ترفض الطرحين مما يعني انه سيكون متعذرا الاتفاق على قانون جديد.
انتخابات او تمديد او فراغ
لكن يبقى السؤال العملي : هل سيكون بالامكان اجراء الانتخابات النيابية وفقا لقانون الستين المعدل ؟ وماذا عن الاوضاع الامنية والجوانب الدستورية والعملية وماهو دور الحكومة الحالية في اصدار مراسيم اجراء الانتخابات؟ وماذا اذا تم اجراء الانتخابات فهل ستشكل حكومة جديدة ومن ستولى اجراء الاستشارات الحكومية لاختيار رئيس حكومة جديدة وكيف ستشكل حكومة جديدة في ظل عدم وجود رئيس للجمهورية؟ وهل ستؤدي هذه الاشكالات الى عدم اجراء الانتخابات والتوجه تحو التمديد مجددا للبرلمان الحالي كما حصل قبل عام ونصف؟ واذا تعذر اجراء الانتخابات ولم تتم الموافقة على التمديد فهل سندخل في فراغ نيابي ومن ثم فراغ حكومي بعد الفراغ الرئاسي مما يدخل البلاد في ازمة سياسية ودستورية خطيرة؟
مصادر سياسية مطلعة تعتبر: ان كل الاحتمالات واردة وان كان اجراء الانتخابات هو الاقوى وهذا ماتفضله قوى 8 اذار في حين ان قوى 14 اذار والقوى الوسطية لم تحدد موقفها حتى الان ، اما اذا لم يتم الاتفاق على اجراء الانتخابات فسيكون خيار التمديد هو الخيار الثاني ولكن هذا الخيار لن يكون سهلا في ظل اعتراض الكثيرين عليه، مما يعني ان الفراغ لن يكون بعيدا عن التوقعات وهذا سيدخل البلد في ازمة كبيرة مما يجعل الدعوة لمؤتمر تأسيسي جديد او مؤتمر دوحة او طائف او مؤتمر اسطنبول او باريس كل ذلك لن يكون بعيدا عن الاحتمالات.