في السابق، وتحديداً قبل البدء بتنفيذ الخطة الأمنية، لطالما لعب البعض من مشايخ طرابلس المعتدلين دوراً بارزاً في تهدئة الوضع الأمني، ليعلن بعد تدخلهم ووساطتهم إنتهاء جولة المعارك الدائرة بين جبل محسن وباب التبانه. ولطالما ساهم أيضاً في هذا الدور بعض سياسيي المدينة. أما اليوم، وبعد إلقاء القبض على قادة المحاور، فالصورة مختلفة تماماً في عاصمة الشمال، ولم تعد هذه الوساطات نافعة أياً كان مصدرها. فأهالي قادة المحاور والموقوفين الآخرين الذي يعتصمون لليوم الثالث على مستديرة أبو علي بعد قطع كل الطرقات المؤدية اليها، خرجوا عن سيطرة المشايخ، ولم تعد كلمة هؤلاء مسموعة لديهم، مطلبهم الوحيد الذي يمكن أن يفاوضوا على أساسه هو إطلاق سراح الموقوفين في سجن روميه على إعتبار أنهم حملوا السلاح خلال المعارك دفاعاً عن بيوتهم ومنطقتهم يوم قصّرت الدولة في القيام بواجبها.
وفي هذا السياق، تفيد المعلومات بأن وساطة قام بها مشايخ المدينة بالأمس وتنطلق من المعادلة التالية: "يفك أهالي قادة المحاور والموقوفين إعتصامهم المفتوح على مستديرة أبو علي، يفتحون كل الطرقات المقطوعة، مقابل أن تقام صلاة الجمعة في مسجد التقوى وسط حشد غير مسبوق، وفيها يرفع إمام المسجد الشيخ سالم الرافعي السقف عالياً في خطبة نارية من العيار الثقيل، مطالباً فيها المعنيين بهذا الملف، التحرك سريعاً لإطلاق سراح الموقوفين، وإلا فالإعتصام سيعود الى المستديرة خلال ساعات، وقد يتوسع الى ساحات عدة في طرابلس تمهيداً لشل المدينة بالكامل".
غير أن هذه الوساطة بقيت كلاماً في الهواء لأن المعتصمين رفضوا فك الإعتصام مقابل إقامة صلاة الجمعة حتى أن أحد القيمين على التحرك سأل "هل ترد لنا الصلاة الحاشدة والخطبة النارية أهلنا وأولادنا المضربين عن الطعام بين الحياة والموت في سجن روميه؟"
رقعة الإعتصام قد تتوسّع في الأيام االمقبلة لتشمل على سبيل المثال لا الحصر ساحة النور، الطريق الدولي في البحصاص، إضافة الى سراي طرابلس وغيرها من النقاط والمواقع الحساسة في المدينة.
إذاً وسط فشل المفاوضات الهادفة الى فك الإعتصام، وفي ظل عدم وجود قرار سياسي لفتح الطرقات المؤدية الى مستديرة أبو علي ولو عن طريق القوة، يبقى السؤال، من هي الجهة التي حركت أهالي قادة المحاور والموقوفين وطلبت منهم الإعتصام في هذا التوقيت بالذات وليس قبل شهر أو شهرين من اليوم على إعتبار أن التوقيفات حصلت منذ أربعة أشهر؟ وهل تريد هذه الجهة تبادل الرسائل السياسية مع أخصامها من خلال هذا الإعتصام وإعادة توتير الوضع الأمني في عاصمة الشمال؟