بعد أن تأخرت فعاليات مدينة طرابلس في تنفيذ الوعود التي كانت قد قطعتها لقادة محاورها بالإفراج عنهم بعد فترة قصيرة على تسليم أنفسهم، قرر هؤلاء "الإنتفاضة" عليهم لإجبارهم على ذلك، كاشفين عن خفايا خطيرة تتعلق بجولات العنف الكثيرة التي شهدتها المدينة على محاورها التقليدية بين جبل محسن وباب التبانة، لكن حتى الساعة لم يتمكنوا من تحقيق هدفهم المنشود رغم تمكنهم من شل عاصمة الشمال من جديد.
في هذا السياق، تؤكد مصادر متابعة لهذا الملف أنّ الموقوفين سلموا أنفسهم بناء على وعدٍ واضحٍ بأن يكون ذلك لفترة قصيرة من الزمن، لكن توقيفهم طال رغم الجهود التي تبذل من أكثر من جهة في طرابلس في هذا الاطار، خصوصاً أن من سيستطيع القيام بهذه المهمة سيستفيد على الصعيد الشعبي، لا سيما إذا ما حصلت الإنتخابات النيابية المنتظرة في موعدها المقرر.
من هذا المنطلق، تشير المصادر إلى أن هناك من يسعى إلى تأخير الإفراج عنهم بهدف ضرب بعض فاعليات المدينة من خلال إظهارها عاجزة عن حماية رجالها، في حين ترى مصادر أخرى أن الإفراج عنهم يتطلب إعلانهم الولاء لتيار "المستقبل"، لا سيما أن معظمهم لا يدين له بذلك، في حين أن المحسوبين على التيار لم يتم توقيفهم بموجب الخطة الأمنية التي نفذت في المدينة قبل فترة قصيرة، والدليل على ذلك أن المسؤول الأمني الأبرز في "المستقبل" الضابط السابق عميد حمود لا يزال حراً طليقاً يشارك في الإجتماعات التي تعقد في الفيحاء، من دون أن توجه له أي جهة رسمية ولو سؤالاً واحداً عن حقيقة الإتهامات التي وجهها له قادة المحاور حول تورطه في أحداث الشمال، لا بل مسؤوليته المباشرة عن تقديم الدعم المادي والعسكري لهم خلال جولات العنف التسعة عشر.
على هذا الصعيد، تشير المصادر المتابعة، في حديث لـ"النشرة"، إلى أن قادة المحاور يدفعون اليوم ثمن الصراع السياسي في عاصمة الشمال، لا سيما بين تيار "المستقبل" وتيار رئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي، ومن أجل ذلك هم يصرون اليوم على رفض أي حوار يعلق تحركاتهم قبل الإفراج عنهم، خصوصاً أن الوعود الأخيرة التي تلقوها كانت تقضي بالإفراج عنهم قبل بداية شهر رمضان، وتؤكد أن معظم فعاليات المدينة تعمل على التواصل معهم داخل سجن رومية من أجل دفعهم إلى تعليق الإضراب عن الطعام الذي أعلنوه مقابل وعود جديدة بالإفراج عنهم في أقرب وقت.
وتوضح المصادر أن هؤلاء "القادة" يشعرون اليوم بأنهم لن يخرجوا من السجن، إلا من خلال الضغط على فعاليات المدينة عبر التحركات بالشارع، التي تشل طرابلس قبل أيام قليلة من موعد عيد الفطر، من خلال الإعتصامات والتظاهرات، وتؤكد أن هذا الأمر بدأ يعطي ثماره، لا سيما بعد أن تحرك أهالي الموقوفين من أبناء جبل محسن من أجل المطالبة بالإفراج عن أبنائهم أيضاً.
وتشير هذه المصادر إلى أن الموقوفين من الجانبين يعتبرون أنفسهم اليوم ضحية التسوية التي عقدت في المدينة بين قوى الثامن والرابع عشر من آذار، ويعتبرون أن المطلوب أن تستكمل هذه التسوية عبر مصالحة حقيقية تبدأ من الإفراج عنهم بشكل أساسي، وإلا ستكون عاصمة الشمال على موعد مع تحركات جديدة لا تنتهي، وستكون وجهتها فاعليات المدينة المهددة بكشف المزيد عن تورطها بجولات العنف.
وبناء على ذلك، تتوقع المصادر أن يكون هناك مبادرة سريعة تقضي بالإفراج عن بعض الموقوفين قبل العيد، على أن تتم متابعة ملفات الآخرين بعد ذلك، خصوصاً أن أحداً غير مستعد لتفجير الأوضاع حالياً في ظل التحركات الخطيرة التي تشهدها المنطقة، والتي يسعى البعض إلى نقل تداعياتها إلى الساحة اللبنانية بأي شكل من الأشكال.