رأى الوزير السابق ابراهيم شمس الدين ان "ما يحصل في المنطقة من العراق الى سوريا، هو نتيجة طبيعية لضعف البنى الحكومية الجديدة بسبب الافتقار الى الحكمة والنضج السياسيين، ونتيجة وهن الوحدة الوطنية وظلم واستبداد وفشل الأنظمة القديمة، وأيضا نتيجة تصارع قوى دولية فيما بينها على نفوذ في المنطقة للسيطرة على الموارد الطبيعية واستعمالها لصالح قوى وأحزاب سياسية محلية وإقليمية، وذلك لغاياتها الخاصة ولمنع الأخصام والمنافسين من الحصول على النفوذ أو عرقلة الحصول عليه، معتبرا بالتالي أن صراع قوى الخارج هذا وارتهان كثير من قوى الداخل لها، يتسبب في حروب تفتل الناس وتوقف العمران والتطور والنمو والقدرة على تقرير المصير".
وأشار شمس الدين في حديث لصحيفة "الأنباء" الكويتية الى ان "بروز عدد من الأحزاب والحركات والعناوين الحزبية السياسية التي تتخذ من التعابير والمفاهيم الإسلامية شعارا ولواء لها، يعود الى فشل مركّب من عدة مستويات لأنظمة الحكم في العالم العربي على مدار 40 سنة، فشل في تحرير فلسطين، وفشل في المشروع التنموي داخل كل دولة عربية، وفشل في تطوير أنظمة الحكم السياسي وتوفير الحريات العامة والديموقراطية، معتبرا ان التكفير الديني كان دائما موجودا نتيجة لجهل في الدين ولاعوجاج فقهي، لكنه لم يكن يشكل خطرا لأنه من جهة كان محدودا جدا، ومن جهة أخرى لم يكن له أثر في الواقع السياسي العملي، اما التكفير السياسي فهو قديم العهد في كل العالم العربي، وحتى في إيران الشاهنشاهية والحالية أيضا|، لافتا إلى ان "الحركات السياسية وأنظمة الحكم القومية كانت تكفّر الإسلاميين وتقمعهم وتطاردهم وتلاحق أحزابهم وجمعياتهم، فيما الإسلاميون كانوا يكفّرون دينيا وسياسيا القوميين والأنظمة الحاكمة ويتآمرون عليهم لإسقاطهم".
وأضاف شمس الدين أن "التطرف عدو نفسه وعدو الآخرين، فهو يغالي في كل شيء حتى في نظرته الى نفسه، بحيث يرى نفسه بطلا ومنقذا". ورأى ان "الآخرين إما ضحايا يجب إنقاذهم على طريقته حصرا، وإما مذنبين يجب الاقتصاص منهم، فيصبح مع الوقت في مواجهة ناسه فنفسه، وهذا ما يحدث في سورية والعراق وما حدث في مصر والجزائر والسودان".
وردا على سؤال، لفت شمس الدين الى ان "لبنان تحول بفعل توهين الدولة وإتلافها من داخلها، وبسبب تأثر أكثر التكوينات السياسية فيه بأنظمة خارجية، الى جغرافية تتنفس فيها الحرب السورية وتتحمل قسما من تناقضاتها، معربا في هذا السياق عن يقينه بأن تدخل حزب الله الإرادي في الحرب السورية التي بدأت بين النظام والناس، هو سبب رئيسي في عنف الارتدادات داخل لبنان وعلى الأرجح محفزا لها"، معتبرا بالتالي ان "حجة حزب الله بالتدخل لحماية بعض من هم هناك كما حجة حماية المزارات الدينية، لم تكن مقنعة بالأساس، وكذلك سقطت حجة التدخل لحماية الداخل اللبناني، لكن تدهور الوضع الأمني في لبنان، لا يعود حصرا الى تدخل الحزب في سورية، بل ايضا الى ضعف الدولة اللبنانية وضعف متانة مؤسساتها الدستورية وتجاوزها من قبل العديد من القوى السياسية المسماة "محلية"، وضعف الدولة هذا هو بنفسه محفز للتدخل الحزبي الخاص في سورية ولحساب دولة إقليمية أخرى".
وعن رؤيته لموقع الطائفة الشيعية اليوم وهي في عمق المواجهة مع التطرف الإسلامي، لفت شمس الدين الى ان "المسلمين الشيعة مثل غيرهم من المسلمين وسائر الناس، اي انهم جماعة عندما تكون قيادتهم الدينية او السياسية حكيمة وحرة ومستقلة وترى مصلحتهم داخل مصلحة الجماعة الوطنية والإسلامية العامة، وكانت تستطيع ان تترك أثرا في السلوك السياسي وتمنع جموحا غير طبيعي في السلوك السياسي الوطني، كان وضعهم اكثر طبيعية واطمئنانا لهم وطمأنينة لغيرهم"، مشيرا الى ان "الشيعة اللبنانيين كطائفة حية ومستمرة، يبقون جزءا اساسا من الاجتماع الوطني السياسي اللبناني، فالحالات الحزبية تتغير وتتقلب وتخبو وتندثر، لكن جماعة الشيعة تبقى وتستمر لبنانية"، مؤكدا ان "ولاية الفقيه كمنظومة حكم سياسي لا تستقيم ولا تستقر في لبنان مهما كانت صفة الجهة التي تطرحها، وهي لا ولن تنتج في لبنان إلا التنافر والعداء والخراب والدماء".