يطل على عالمنا الإسلامي شهر رمضان المبارك الذي أراده الله سبحانه وتعالى أن يكون شهر الخير والرحمة، وإذا بعالمنا الإسلامي يمرّ بأصعب الظروف حيث يتلاطم من أقصاه الى أقصاه بحروب ودماء وتشريد وتهجير وتكفير وارهاب وتحارب على جميع الجهات والاتجاهات تحت عناوين مختلفة وأهواء وآراء متعددة، حتى يخال من يقرأ الساحة الإسلامية -صغاراً أو كباراً- أنهم يعيشون حفلة جنون وتخبط بالدماء والإجرام ولو كانوا يعتقدون وجوب ذلك لا يمكن أن يفعلوا أكثر مما هم عليه، وهم لا يبالون بالأعداء المتربصين من حولهم والنافخين بنار الفتنة والتفرقة، لدرجة يشعر المستعرض لوضعهم أنهم مكلفون بالحروب والإقتتال فيما بينهم تاركين لعدوهم الراحة والدعة والاطمئنان لا يخشاهم ولا يبالي لهم أبداً.
هكذا نعيش اليوم أياماً سوداء يتقاتل فيها الأخ مع أخيه المسلم في كل شارع وحي ومدينة تاركين القرار لشرذمة فاسدة تعبث بالارض فساداً تترك الحليم حيران والعاقل لا حول له ولا قوة، وكأنَّ العقلاء لا وجود لهم بل نكاد لا نسمع لهم صوتاً ولا نرى لهم شخصاً وفي أحسن الحالات لا نسمع صدى لأصواتهم ونداءاتهم، وكل ذلك تحت عناوين تحمل في طياتها الاخطار والانحراف عن ذلك الخط العظيم الذي أسّس له القرآن الكريم، بقول سبحانه تعالى "كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ" (سورة آل عمران – الآية 110)، وكأنَّ خيرة هذه الأمة بالتكفير والقتل والإجرام، فأصبحنا نرى مشاهد الدماء والدمار في كل حي من أحياء المسلمين وعلى أيدي أبنائهم وبني جلدتهم، فإلى متى هذا الإنحدار والسقوط بالفخ الذي نصبه لنا الأعداء وكلنا ندين لله تعالى بالعبودية ولنبي الإسلام محمد صلى الله عليه وآله وسلم بالنبوة والقرآن الكريم ينادينا كل صباح ومساء يطلب منا التوحد والالتزام بتعاليمه ودساتيره؟
أين عقلاء العالم الإسلامي من حكام ومفكرين، من نخب ومثقفين، ليقفوا وقفة حق أمام هذا المد الجارف من الإرهاب والتكفير الذي لا يميز بين مذهب ومذهب وكل المذاهب قد تلاشت وأصبح المذهب الحاكم هو السيف، لا يفكر ولا يميز بين منطقة وأخرى وبين أتباع مذهب وأخر والجامع بين مناطق عالمنا الاسلامي أنه يتصدر نشرات الاخبار في فنون القتل وإزهاق الأرواح وكأنَّ الدنيا ليس فيها أحد إلا هؤلاء المسلمين وليس لهم هَم وعقل يعملونه في شيء غير فن الابادة والظلم؟
لنعد لقرآننا وتعاليمه ولارشاداته وتوجيهاته حتى نعيد بناء مجتمعنا بناءً صالحاً يقوم على أساس التفاهم والمحبة والاحترام.