دانت بطريركية أنطاكية وسائر المشرق للروم الأرثوذكس بشدة، "التعرض لأي طيف من أطياف هذا المشرق"، وإستنكرت بشكل خصوصي "التعرض للمسيحيين في الموصل وإجبارهم بقوة السلاح على تغيير معتقدهم تحت طائلة فرض الجزية أو هجر البيوت ومصادرة الممتلكات".
وإعتبرت في بيان أصدرته، أن "هذه الحركات الأصولية، والتي تسعى أن تكون دويلات بمنطق القوة وترهيب الآخر وبدعم مادي ومعنوي من الخارج، هي أخطر ما تكون على إنسان هذا المشرق وعلى العيش المشترك في رحابه".
وطالبت المجتمع الدولي وهيئة الأمم المتحدة بالتحديد وكل القوى والمنظمات العالمية "النظر بعين الحق إلى ما يجري في العراق والموصل وكل منطقة الشرق الأوسط"، مهيبة بهم "التعامل بشجاعة مع هذه الأوضاع الراهنة بلغة الإنسانية الحقة لا بلغة المصالح التي تستخدم مبادىء الحقوق الإنسانية وتطوعها خدمة للمآرب والمصالح الضيقة".
كما طالبت الدول التي تؤمن الدعم الخارجي لهذه الحركات، مباشرة أو بشكل غير مباشر، بـ"الوقف الفوري لكل أشكال الدعم المادي واللوجستي والعسكري والمعنوي لهذه الحركات المتطرفة وقطع دابر الإرهاب الذي هو خطر أول على شعوب وسلام تلك الدول أولا"، داعية "للكف عن اللجوء إلى كل شكل من أشكال العنف كوسيلة تعامل بين المواطنين".
ولفتت الى أنه "نحن في بطريركية أنطاكية وسائر المشرق للروم الأرثوذكس، إذ نؤكد دوما أن المسيحيين والمسلمين هما رئتان لجسد مشرقيٍ واحد، يقوم على المواطنة والعيش الواحد، نرفض كل ما من شأنه أن يسيء أولا لسمعة الإسلام السمح الذي اختبرنا وإياه طيب أخوة وسلام عيش، وأن يعطل ثانيا حق المواطنين بممارسة حضورهم الوطني بعيدا عن أي ضغط فئوي، مذهبيا كان أم عرقيا"، مشيرة الى أنه "وسط تفرج العالم على ما يجري في الموصل، ها هو مسلسل العنف يتكرر في قطاع غزة تحت مبررات عدة وسط صمت دولي مريب. كل ذلك والعالم الخارجي يكتفي بالتفرج على حمام الدم الذي لم يوفر أطفالا ولا شيوخا ولا نساء. وكأن هذا المشرق قد أمسى مختبرا لفاعلية كل أنواع الأسلحة وأرضا خصبة تمر عليها كل المؤامرات. وكأن إنسانه سلعة تجارية خلقت لتكون عجينة في يد قوى الظلام، وهو المخلوق ليكون صورة البهاء الرباني ومحط مرضاة الخالق بحسن العلاقة مع الأخ في الوطن والإنسانية".
وتابعت "نحن في بطريركية أنطاكية وسائر المشرق للروم الأرثوذكس، ندرك وحدة المصير التي تربطنا مع إخواننا في فلسطين من مسيحيين ومسلمين، ونطالب المجتمع الدولي وقف آلة النار في غزة ورفع الحصار الآثم عن إخوتنا في فلسطين، الذين تبقى قضيتهم قضية البشرية بامتياز ويبقى تشبثهم بأرضهم وتوقهم للعودة إليها مبعث أمل لكل معذب في هذا المشرق ووصمة عار في جبين من تقف "حقوق الإنسان" عندهم عند روابي فلسطين، في حين تجير هذه "الحقوق" ويتاجر بها للتدخل في شؤون شعوب أخرى".