رغم حجم التضحيات الكبيرة التي قدمها الشعب الفلسطيني واهل قطاع غزة في مواجهة الحرب الصهيونية الهمجية، فان هذه الحرب وصمود وبطولات المقاومين الفلسطينيين والشعب الفلسطيني ادت الى توحيد اللبنانيين اعلاميا وسياسيا واعادت روح التعاون والتنسيق والتماسك بين قوى المقاومة في المنطقة.
ففي مواجهة الحرب الصهيونية الشرسة شهد لبنان اوسع حملة تضامن شعبية واعلامية وسياسية ورسمية من خلال اللقاءات والتظاهرات والانشطة المختلفة من اقصى الشمال الى اقصي الجنوب مرورا ببيروت ووصولا الى جبل لبنان والبقاع، كما عمدت وسائل الاعلام اللبنانية المرئية وبمبادرة من رئيس تحرير جريدة السفير طلال سلمان الى بث نشرة تلفزيونية موحدة من على مختلف الشاشات اللبنانية في خطوة رمزية لدعم الشعب الفلسطيني.
لكن التطور الاهم الذي ادت اليه الحرب على غزة تمثل بعودة خطوط التواصل بين قوى المقاومة في المنطقة وبين مختلف القوى والحركات الاسلامية والجمهورية الاسلامية الايرانية.
ومن مظاهر هذا التواصل الاتصالات التي اجراها امين عام حزب الله السيد حسن نصر الله برئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل وبامين عام حركة الجهاد الاسلامي الدكتور رمضان عبد الله شلح ، اضافة لتلقي مشعل سلسلة اتصالات من المسؤولين الايرانيين وكانت كل هذه الاتصالات في اطار التأكيد على دعم المقاومة والشعب الفلسطيني والبحث في اشكال التعاون والتنسيق بين قوى المقاومة، كما عقدت سلسلة لقاءات بعيدا عن الاضواء بين العديد من قادة ومسؤولي الحركات الاسلامية لبحث مختلف التطورات ومناقشة كيفية معالجة نقاط الخلاف والعمل من اجل تعزيز التواصل مستقبلا.
فماهي ابرز نتائج الحرب على غزة سياسيا وميدانيا على الصعيد اللبناني والاسلامي؟ وكيف سيبرز التعاون والتنسيق بين قوى المقاومة في المرحلة المقبلة بعد عودة الحرارة الى خطوط الاتصال؟
نتائج الحرب على غزة
رغم شراسة العدوان الصهيوني على غزة واستشهاد المئات وجرح الالاف وتدمير المنازل والمستشفيات والمؤسسات العامة واستهداف الاطفال والنساء والمدنيين ، فان صمود المقاومة والشعب الفلسطيني والقدرة على مواجهة الجيش الصهيوني عند محاولته الدخول البري على غزة، كل ذلك ادى الى انعكاسات مهمة استراتيجية وسياسية وشعبية لصالح قوى المقاومة والشعب الفلسطيني والقضية الفلسطينية.
فقد اثبت هذا الشعب قدرته على الصمود رغم كل التضحيات ،كما اكدت قوى المقاومة بمختلف فصائلها انها قادرة على مواجهة الجيش الصهيوني رغم امكانياتها المتواضعة والحصار المفروض على غزة وعدم وجود عمق استراتيجي يدعم اهل القطاع .
و التطوران الاستراتيجيان الهامان الناتجان عن الحرب على غزة يتمثلان :اولا
بعودة القضية الفلسطينية الى دائرة الاهتمام العربي والاسلامي والدولي وكونها القضية المركزية التي تتوحد خلفها كل الاطراف والقوى السياسية والحزبية في كل الدول ومنها لبنان.
وثانيا من خلال نجاح قوى المقاومة المدعومة من الشعب الفلسطيني بفرض نفسها قوة استراتيجية في مواجهة الجيش الصهيوني والصمود في مواجهة الاحتلال ومنعه من التقدم البري وزعزعة استقرار الكيان الصهيوني امنيا واقتصاديا وشعبيا، مما يؤكد ان قوى المقاومة قادرة وبامكانياتها القليلة على فرض منطقها ورؤاها رغم الظروف السياسية الصعبة عربيا واقليميا ودوليا، كما ادى صمود المقاومة والشعب الفلسطيني الى دفع جميع الاطراف للتحرك من اجل اطلاق مبادرات متعددة لخدمة الشعب الفلسطيني وليس لخدمة العدو الصهيوني.
كما ان الايام المقبلة ستكشف المزيد من بطولات الشعب الفلسطيني وقوى المقاومة في فلسطين وسيكون لهذه الحرب تداعيات استراتيجية وسياسية مهمة في المستقبل.
التعاون والتنسيق بين قوى المقاومة
لكن النتيجة الابرز التي افرزتها الحرب على غزة كانت من خلال اعادة خطوط التواصل بين قوى المقاومة والعديد من القوى والحركات الاسلامية.
وقد تمثل ذلك من خلال الاتصالان اللذان اجراهما الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله برئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل والامين العام لحركة الجهاد الاسلامي الدكتور رمضان عبد الله شلح ، اضافة لسلسلة اتصالات اجراها عدد من المسؤولين الايرانيين بمشعل، كما عقدت عدة لقاءات بعيدا عن الاضواء بين قيادات ومسؤولين في الحركات والقوى الاسلامية والتي كان سابقا فيما بينها تباين حول بعض القضايا ولا سيما الملف السوري.
وقد اكدت مصادر مطلعة على اجواء الاتصالات واللقاءات التي اجريت :ان الاجواء ممتازة وكان هناك توافق على دعم المقاومة واهمية الانجازات التي حققتها قوى المقاومة في فلسطين ولا سيما حركتي حماس والجهاد الاسلامي ، وان التعاون والتنسيق بين هذه القوى سيزداد في المرحلة المقبلة بما يعيد التماسك الى "جبهة المقاومة العربية والاسلامية" .
واضافت المصادر: ان الحرب على غزة وصمود المقاومين والشعب الفلسطيني ستؤدي الى متغيرات مهمة في المنطقة وان جميع الاطراف اصبحت مدركة اهمية اعادة تقييم المرحلة الماضية وضرورة معالجة كافة الملفات العالقة والبحث عن تسويات سياسية لمختلف الازمات بما يعيد الاولوية للصراع مع العدو الصهيوني ومن اجل دعم قوى المقاومة بكل الامكانيات.
وبانتظار تبلور نتائج الحرب على غزة ميدانيا وسياسيا بشكل نهائي ، فان ماجرى حتى اليوم كان له نتائج كبيرة رغم حجم التضحيات والعدد الكبير من الشهداء والجرحى وكما كان للعدوان على لبنان في تموز 2006 نتائج استراتيجية مهمة، فان العدوان والحرب على غزة في تموز 2014 سيكون له تداعيات كبرى ايجابية مستقبلا،وقد اثبت الشعب الفلسطيني ومقاومته بان قلة الامكانيات والظروف الصعبة لن تقف عائقا امام تحقيق الانتصار الكبير باذن الله.