في الوقت الذي أرجأ فيه أهالي قادة المحاور والموقوفين الآخرين في طرابلس يوم غضبهم من الخميس الفائت حتى أمس الأربعاء، بعدما تأجّل الإجتماع الأمني المقرر لبت إطلاق دفعة من الموقوفين بسبب وفاة والدة اللواء عباس أبراهيم، جاء توقيف الشيخ حسام الصباغ ليشكل مفاجأة من العيار الثقيل بالنسبة الى كل طرابلسي معني بقضية الموقوفين، ويطيّر يوم الغضب الى موعد غير محدد. هذا التوقيف لم يكن متوقعاً من قبل المتابعين لملف الموقوفين وجاء في مرحلة ظهرت الدولة فيها وكأنها تمدّ يدها إليهم لكن سرعان ما تبيّن العكس.
توقيف الصباغ، وما يمثله من ثقل إسلامي في عاصمة الشمال، جعل المفاوضين بإسم أهالي قادة المحاور وعلى رأسهم الشيخ خالد حبلص يقتنعون بالمعادلة التالية: "لن تطلق الدولة سراح سعد المصري مع مجموعة من الموقوفين كما جاء في الوعود الأمنية والسياسية التي أعطيت في الأيام العشرة الماضية، ولو كانت هناك نية حقيقية للقيام بهذه المبادرة لما جاء توقيف الصباغ، الذي يشكل رسالة واضحة بأن الأجهزة الأمنية مستمرة في التوقيفات ولا نية لديها بإطلاق سراح أحد من المطلوبين، فكيف إذا كان الإسم المطروح لإطلاق سراحه هو سعد المصري أبرز قائد محور في باب التبانة.
وفيما يعتبر شيخ طرابلسي بارز أن " توقيف الصباغ حصل عن طريق الخطأ أو عدم التنسيق بين الأجهزة، على إعتبار أنّ علاقته بالقادة الأمنيين في الشمال ممتازة، وقبل التوقيف بأيام قليلة كان يتناول طعام السحور مع ضابط أمني طرابلسي بارز، ولم يقل له خلال اللقاء إن توقيفه سيحصل"، تؤكد المصادر الأمنية أن "الصباغ هو من أخطر المطلوبين وملفه حافل بمذكرات التوقيف، كان تحت المراقبة منذ فترة وقرار توقيفه اتخذ وبقي تنفيذه رهن التوقيت المناسب".
إذاً بناء على ما تقدم، يتبين بما لا يقبل الشك أن أهالي قادة المحاور وموقوفي أحداث طرابلس فقدوا الثقة بالمفاوضات القائمة مع القادة الأمنيين والمرجعيات السياسية في المدنية، مقتنعين بأن الوعود التي أبرمت معهم في الماضي لم تكن إلا وعودًا تهدف الى إرساء التهدئة في عاصمة الشمال، ووضع حد لكل الإعتصامات وأيام الغضب، لذلك كان لا بدّ من تغيير قواعد اللعبة التفاوضية، فما كان أمامهم إلا أن طلبوا من الشيخ سالم الرافعي إستكمال المفاوضات والضغط على طريقته للتوصل الى النتيجة المطلوبة. وتجاوباً مع هذا الطلب، عقد الرافعي الإجتماع العلمائي الموسع لهيئة العلماء المسلمين في قاعة مسجد التقوى، وأبقى على جلسات الهيئة المفتوحة لإستكمال ما بدأه بإجتماعات لاحقة. وتشير المعلومات الى أن إعطاء صفة الموسع للإجتماع من قبل الرافعي، يهدف الى توجيه رسالتين: الأولى لأهالي الموقوفين، وهي أن قضيتكم أكثر من مهمة بالنسبة الينا، ونوليها الإهتمام اللازم، والرسالة الثانية للأمنيين، وفيها أن أهالي الموقوفين ليسوا مكسر عصا ولديهم جيش من المشايخ يطالب بقضيتهم، ولم تعد القضية محصورة فقط بالشيخ خالد حبلص.