لا شك -يقول مصدر اسلامي طرابلسي- ان الغاء وثائق ولوائح الاتصال والاخضاع ادى الى تنفيس احتقان القوى السلفية الطرابلسية، وعناصر المجموعات المسلحة التي شاركت في جولات العنف العشرين، لكن قرار الالغاء المذكور لم ينعكس ايجابا على خلايا سلفية متشددة لا تزال تنظر بعين الحذر الى الحواجز الامنية المنتشرة في احياء طرابلس، وتنفذ دوريات مؤللة على مدار الساعة خصوصًا في الساعات الاخيرة، بعد انتشار موجة من الشائعات ذات صلة بالمعارك الجارية في جرود عرسال والقلمون السورية، حيث تتحصّن خلايا كتائب عبد الله عزام وداعش والنصرة بهدف التسلل الى الداخل اللبناني وتنفيذ عمليات تفجير انتحارية، مع العلم أنّ الجيش اللبناني تصدّى ببسالة لهذه المحاولات واحبطها. ورغم ذلك لا تزال هناك خشية من تمكن عناصر تكفيرية من الانسلال الى الساحة اللبنانية.
ويلفت المصدر الاسلامي الوسطي عبر "النشرة" الى أن الخلايا التكفيرية وضعت اهدافا لها في شمال لبنان وتحديدا في طرابلس وعكار، وأشار الى انها تسعى الى احكام سيطرتها على عدة قرى في عكار والضنيّة لا سيّما القرى المسيحية والعلوية لتكون هذه الخطوة الاولى بالتمدّد شمالاً، واعلان الامارة الاسلاميّة على غرار ما حصل في الموصل، والرهان قائم بشدة على عناصر مدسوسة تحظى بحماية وغطاء سياسي متطرّف. وتكمن اولى الاهداف بالضغط للمطالبة بـ"تحرير" حسام الصباغ الذي كان عضوا في لقاء سياسي-ديني ضمّه الى بعض النواب في اجتماعات دورية تصدر عنها مواقف معروفة الطابع والأهداف.
ويعتبر المصدر الاسلامي، ان ما ورد اعلاه سيأتي في سياق تصاعدي يحضّر له سلفيو طرابلس خلال عيد الفطر وبعده، يبدأ من تحركات في الشارع يُقال عنها سلمية، لكنها ستستهدف السراي في طرابلس لتنفيذ اعتصام ضاغط، وصولا الى تظاهرات متنقلة في الشارع ونصب الخيم، والعودة لقطع الطرقات لـ"تحرير" الصباغ. وستستهلّ هذه القوى تحركاتها بخطوة احتجاجية تحصل للمرة الاولى في تاريخ طرابلس ولها دلالات خطيرة، تبدأ باقفال مساجدها والامتناع عن اقامة صلاة العيد والتوجه الى باحة معرض طرابلس الدولي لاقامة الصلاة فيها، والاعتصام في باحتها، وهي خطوة تشبه التمرد، لا سيّما انها ستؤدي الى حشد غير مسبوق (في حال جرت التلبية الشاملة اذا أقفلت المساجد) يتقدمه احد المشايخ المتطرفين ويتحدّث في خطبة وصفتها المصادر بالـ"نارية" من شأنها ان تشيع بلبلة وارباكا في الشارع، على أن تليها خطوات اخرى لطيّ ملف التوقيفات والملاحقات والمداهمات، وتأمين الحصانة الشعبية الدينية الشاملة للقوى السلفية التي تعمل للامساك مجددا بالشارع الطرابلسي، ومنع الاجهزة الامنية من ممارسة دورها في ضبط الامن وملاحقة المرتكبين من القوى التكفيرية التي تعمل على فرض شرائعها الخاصة ومناهجها التكفيرية، والتي تجسدت خلال شهر رمضان بمنع الاجهار بالافطار وملاحقة المفطرين، والمطاعم التي تقدم وجبات الأكل خلال النهار، وغير ذلك من شرائعهم الاسلامية الخاصة البعيدة كل البعد عن تعاليم الاسلام حتى تطبيقها بالكامل لاحقا في طرابلس، التي يصرون على انها مدينة اسلامية، وقد بدا هذا الأمر جليًّا عندما تحدوا الجيش بانزالهم العلم اللبناني في ساحة عبد الحميد كرامي ورفعوا مكانه اعلامهم السوداء، ليعود ويرتفع علم لبنان الى جانب عشرات الريات الدينية السوداء بعد تدخّل وسطاء.
في المحصلة، تعتبر هذه القوى التكفيرية ان الشمال بيئة حاضنة لهم وان العمل جار على قدم وساق لاقامة امارة لهم في الشمال، ومن يعترض طريقهم سينال نصيبه من التكفير ويصبح هدفا مشروعا لاعتدائهم، وخلص المصدر الى القول أن الاشهر القليلة المقبلة ستكون مقلقة جدا، ما لم يتم رفع مستوى الحذر مع الحزم والحسم الضروريين لصيانة السلم الاهلي في الشمال وفي لبنان كله.