سُمّيت مدينة زحلة بـ "مدينة الكنائس" نسبةً لعدد الكنائس فيها، فهي أكبر مدينة كاثوليكيّة في الشرق بحيث يبلغ عدد الكنائس فيها 52 كنيسة، إضافة إلى 53 كنيسة في قرى قضاء المدينة.
وفي الجهة الغربية للمدينة يقع دير "مار الياس الطوق" الذي يسكنه الرهبان الباسيليّون الشويريّون، وهم أساس هذا الدير وأساس مدينة زحلة، فقد بنوه لتكون رسالة الرهبنة الشويريّة غير محصورة في منطقة واحدة، وإنّما ليكون نقطة وسط بين دير سيّدة الراس في رأس بعلبك ودير مار يوحنّا الخنشارة.
في العام 1955 وأثناء انعقاد مجمع للمدبّرين، تقرّر خلاله إنشاء دير في مدينة زحلة ليكون نقطة التقاء بين الساحل والداخل، وبناء هذا الدير الرائع والمميّز بهندسته سُمّي باسم النبي إيليا الغيور. وفي العام 1956 أصبح جاهزاً للسكن، فقطنه بعض الرهبان وعلى رأسهم الرئيس المعيّن الأب يوسف سفر، وكان أوّل رؤساء الدير، وبدأت الرسالة من داخل مدينة زحلة. ومن خلال هذه الرسالة القويّة والمعمّقة، دفعت الناس أجمعين إلى الصلاة والتأمّل، فأصبح محجّاً للكثير من المؤمنين وخاصةً للذين يعانون أزمات على مختلف الأصعدة لا سيّما الصحّية منها، فكان دير مار الياس الطوق ملجأً لهم.
يقع دير مار الياس الطوق في حيّ الراسيّة في زحلة، الّذي سُمّي بهذا الإسم نسبة إلى بلدة رأس بعلبك الذي هجرها الكثير من سكّانها في ذلك الوقت هرباً من اضطهاد آل حرفوش، فلجأوا إلى زحلة وقطنوا في جوار الدير، وعملوا على استثمار الأراضي المحيطة به والاهتمام بها، فأضحوا يقدّمون منتوجاتهم للدير والذي بدوره بدأ بتأمين الأخشاب والأحجار لهؤلاء النازحين لبناء منازلهم.
سُمّي دير مار الياس الطوق بهذا الإسم، وبحسب نظريّتين تاريخيّتين، الأولى لكثرة الأطواق (الطاقات) في الدير، والثانية بسبب كثرة المغاور في التلال والوديان الغربيّة المحيطة به، والتي كانت تُسمّى طوق. والمعروف عن دير مار الياس الطوق انفتاحه على جميع المكوّنات، وهو يقدّم خدمات رعويّة كثيرة ومهمّة لمدينة زحلة وجوارها، خاصةً الروحيّة والثقافيّة والسياحيّة. فعلى الصعيد الروحي، دير مار الياس الطوق يؤمّن الخدمة لست رعايا على صعيد زحلة. وعلى الصعيد الثقافي، فإنه يمتلك الكلّية الشرقيّة والتي تخرّج منها على مرور السنين الكثير من الذين أصبحوا من كبار الشعراء والأطباء والسياسيّين، والذين لا يزالون حتى اليوم يعملون في الحقل العام. أما على الصعيد السياحي فيمتلك مرفقين كبيرين للسياحة: الأول فندق قادري الكبير والذي منه أعلنت دولة لبنان الكبير عام 1920، والثاني وادي البردوني والذي تنتشر على ضفّتيه أشهر المطاعم والمؤسّسات السياحيّة، وعادةً فإنّ زوّار مقاهي البردوني لا بدّ لهم من أن يزوروا دير مار الياس الطوق للتبارك والصلاة.
يستقبل دير مار الياس الطوق على مدار السنة عشرات الآلاف من المؤمنين من مختلف المناطق اللبنانيّة ودول الجوار كسوريا والأردن والعراق ومصر وغيرها من البلدان العربيّة، إضافة إلى اللبنانيّين في بلدان الاغتراب، وغالباً ما تتمّ هذه الزيارات في تموز من كلّ عام، حيث يُصادف عيد النبي إيليّا أو مار الياس، فتُقام نشاطات دينيّة ومهرجانات فنيّة وليالي تسلية تنظّمها الشبيبة التابعة لرعايا دير مار الياس الطوق.
للاطلاع على ألبوم الصور اضغطهنا