بعد أن كانت منطقة الشرق الأوسط تعيش "الهدوء النسبي"، تعرّضت لهجمةٍ شرسةٍ من "داعش"، هذا التنظيم الذي يقتل ويذبح وينتهك الأعراض بإسم الدين، وقد تبنى الفكر السلفي الجهادي الهادف الى إعادة "الخلافة الاسلامية وتطبيق الشريعة". بدأ بمشروعه في العام 2006 مع إجتياحه للعراق، الا أن السرّ الكبير يبقى في إزدياد عدد المقاتلين المنتسبين الى صفوفه في سنوات قليلة كانت فيها البلاد العربية كبركان يشتعل.
"الفكرة" العامة التي رسخت في ذهن الشعوب أن تنظيم الدولة الاسلامية في العراق والشام همجي غير منظم يقتل الناس ويحتلّ الأرض عبثا، وهو حالة عابرة تنتهي بعد وقت، الا أن الأحداث والتقارير أثبتت أنه تنظيم ممنهج وخطير يعمل على بناء حضارة وليس إمارة فقط. وهذا ما برز واضحاً في الفيديو الذي بثته قناة "فايس نيوز" والذي شرح فيه المسؤول الإعلامي لـ"داعش" أبو موسى كيفية تنشئة الأطفال منذ الصغر لإعتناق هذا الفكر التكفيري.
حرب تكنولوجية
يستخدم هذا التنظيم في حربه كل أنواع الأسلحة حتى التكنولوجية منها، فاستند بقسم كبير فيه على وسائل التواصل الإجتماعي لجذب أكبر عدد ممكن من الأشخاص، بحسب منظمة "ADL" أو Anti-defamation league والتي تؤكد أن "معظم الأشخاص تأثروا بـ"داعش" عبر قنوات التواصل الإجتماعي ليصبحوا مقاتلين في صفوفها بعدها"، وتشرح أن "الهاشتاغ بالعربية والأجنبية هي الوسيلة الأبرز للفت إنتباه هؤلاء، ومنها "كلّ العيون على داعش" التي تجذب القراء ليدخلوا الى الصفحات ويتابعوا الأخبار، فتؤثر عليهم بشكل كبير لدرجة أن عدداً كبيراً منهم إنضم الى هذا التنظيم متأثراً بتلك الأفكار التي تنشر عبر تلك المواقع".
الموسيقى عنصر جذب
لم تكتفِ "داعش" بإستخدام "الهاشتاغ" لجذب القراء بل أدخلت عنصر الموسيقى حيث بثت العديد من الأناشيد الخاصة "بالخلافة الاسلامية" عبر "اليوتيوب" والتي تساهم وبشكل كبير في جذب المشاهدين والتأثير عليهم، وفي هذا الإطار عبّرت إحدى المراهقات عن إعجابها بالنشيد والموسيقى والألحان التي استخدمت فيه رغم كرهها لهم"، في حين أن "الأخرى تشدد على أن اللحن جذّاب". وهنا ترى الصحافية الأميركية س. ب عبر "النشرة" أن "داعش" إستخدمت الموسيقى للولوج الى عقول الناس وجذبهم نحو الفكر التكفيري بطريقة ممنهجة"، وان "الألحان التي تستعمل وطريقة الإلقاء تعجب البعض فيساهمون في نشرها هي وتلك الأفلام دون وعي".
الوسيلة هي الرسالة
وتشير س. ب الى أنّ الكاتب الكندي مارشال ماكلوهان كان اول من قال ان "الوسيلة هي الرسالة"، وها نحن اليوم نطبق مقولته افراداً ومؤسسات إعلامية عبر نشر مظاهر العنف لتصبح شيئاً فشيئًا جزءاً طبيعيا"، وتضيف: "مشهد قطع الرؤوس والقتل بات من المشاهد العابرة التي تمر دون التعليق عليها وأبرز مثال على ذلك مشهد قطع رأس الصحافي الأميركي في العراق جميس فولي والذي إنتشر عبر وسائل التواصل الإعلامي وعبر القنوات الإعلامية".
بعد كلّ هذا السرد بات واضحاً أن الحرب مع داعش توسّعت من مجرد ساحة تستعمل فيها كل أنواع الذخيرة والتكتيكات العسكرية الى حرب "معلوماتية" شاملة لا يمكن القضاء عليها الا بالتوعية الشاملة!