تحوّلت متوسطة زبدين الرسمية المختلطة مع بداية العام الدراسي إلى مدرسة رسمية دامجة لذوي الاحتياجات الخاصة من المكفوفين والمعوقين، وهي المدرسة الاولى في هذا المجال على مستوى الجنوب ولبنان، وقد تسجّل فيها 5 طلاب إلى الان من ذوي الاحتياجات الخاصة مع طلابها الآخرين في الفرعين الفرنسي والانكليزي الذين باشروا عامهم الدراسي، علمًا أنّ هناك معلمين متخصصين في تعليم ذوي الاحتياجات الخاصة في المدرسة خضعوا لدورات تدريبية خلال الصيف على هذه التجربة الجديدة من التعليم.
الطلاب المسجلون هم من المكفوفين في صفوف الاول والثالث والسابع أساسي، وقد جاء تحويل المدرسة الرسمية الى مدرسة دامجة بعد إعلانها رسميًا من قبل وزارة التربية الوطنية، وهو نتاج وجهود جمعية ايطالية وجمعية الشبيبة للمكفوفين وادارة المدرسة ورئيسها رئيس رابطة التعليم الاساسي الرسمي في الجنوب خليل زهري وبلدية زبدين التي احتضنت المبادرة ودعمتها وتعمل على رعايتها لزيادة أعداد المسجلين من ذوي الاحتياجات الخاصة.
القصة الكاملة
ويوضح مدير المدرسة خليل زهري أنّ المدرسة استقبلت عددًا من التلامذة المكفوفين منذ العام الدراسي 2010 – 2011 ، مشيرًا إلى أنه تابع هذا العام دورة دراسية في بريطانيا حول آخر التقنيات التربوية لتدريس ذوي الاحتياجات الخاصة من ضمن مشروع التبادل مع المدارس البريطانية لكي تستعد مدرسة زبدين الرسمية لاستقبال التلامذة من ذوي الاحتياجات الخاصة بالاضافة الى ذوي الاحتياجات البصرية.
ويلفت زهري إلى أنّ القصة بدأت في أحد أيام شباط 2013 خلال دورة تدريبية حول الدمج المدرسي والمدرسة الدامجة لذوي الاحتياجات الخاصة في جمعية الشبيبة للمكفوفين، ويقول: "حينها نوّر الله بصيرتي وأنار دربي إلى فكرة تحويل المدرسة الرسمية إلى مدرسة دامجة لكلّ الاحتياجات"، ويضيف: "تلقينا الدعم والتشجيع من المنطقة التربوية في محافظة النبطية ومن اتحاد بلديات الشقيف ومن جمعية جي في سي الايطالية ومن جمعية الشبية للمكفوفين ومن النائب هاني قبيسي الذي دعم المشروع معنويا ودفعنا للتحمس لتبني هذه الفكرة التي تدل على نبل الوفاء نحو تلامذة من حقهم التعلم والدمج، فكانت مدرسة زبدين الرسمية منارة للعلم ورائدة للتربية".
ويشكر كل الخيرين من بلدية زبدين ورئيسها محمد قبيسي وجمعية بيوند التي زودت المدرسة بمصعد كهربائي لذوي الاحتياجات الخاصة وعلى رأسها المديرة التنفيذية للجمعية ماريا عاصي وكل من ساهم بتحويل الحلم الى حقيقة لذوي الاحتياجات الخاصة.
مبادرة إنسانية تربوية
من جهته، يؤكد رئيس بلدية زبدين محمد قبيسي لـ"النشرة" أنّ مدرسة زبدين الرسمية هي الأولى في لبنان كمدرسة رسمية في مجال تعليم ذوي الاحتياجات الخاصة، لافتاً إلى أنّ الفضل أولا وأخيرا هو للنائب هاني قبيسي الذي أطلقها رسميا، كما لادارة مدرسة زبدين التي تبنت الفكرة منذ العام 2010 وهي التي تمرست عليها حتى اعتمدتها وزارة التربية، مشيراً إلى أنها اليوم مجهزة بمصعد كهربائي وممرات ومكننة البريل "الاحرف النافرة" للمكفوفين والصم والبكم والمعوقين جسديا، كما أنّ الحمامات مجهزة لهؤلاء الطلاب، وهناك 4 معلمات متخصصات.
وفيما يصف قبيسي الخطوة بالمباركة، يهنئ مدرسة زبدين على السير بها بالتعاون مع جمعية الشبيبة للمكفوفين، ويرى أنها مبادرة انسانية تربوية تنتج عملا ابداعيا يتعلق بالانسان، ويقول: "نؤمن معا بالدمج الذي يعتبر متوافقا مع القيم الاخلاقية والثقافية لاهالي بلدتنا زبدين لنكسب الاطفال مهارات جديدة لمواجهة صعوبات الحياة، ولاكسابهم فرصا تعليمية وتمازجا اجتماعيا مما يساهم في حدوث نمو اجتماعي للارتقاء بمكان امن للطفل ليتعلم ويبدع، وهنا نحتاج الى قوانين تحمي الاطفال والى تضافر الجهود من دور الاهل والمحيط الاجتماعي والوعي على تبني فكرة الدمج بين الاطفال في المجتمع والتلامذة في المدرسة لترسيخ مفهوم الدمج وقدرة الاطفال اصحاب الاحتياجات الخاصة على الخلق والابداع من اجل الوصول الى وطن يتساوى فيه الجميع تحت راية القانون والعدالة وتكافؤ الفرص".
ما أحوجنا في لبنان للغة الدمج
بدوره، يعتبر النائب هاني قبيسي، في حديث لـ"النشرة"، أنّ هذا الدمج في مدرسة زبدين الرسمية ليس دمجا للاجساد بل هو دمج للعقول والافكار لتنتج ابداعات على مستوى الوطن، ويرى أنها انطلاقة للقضاء على الجهل لانه اداة مجرمة في مجتمعنا، ويعتبر أنّ تحسين الاداء العلمي وتربية الابناء من ذوي الاحتياجات الخاصة يؤدي إلى إشراك حقيقي لكل العقول لتنتج تربية وتعليما للانسان ورعاية لهذا الوطن ، ويقول: "اننا احوج ما نكون الى الدمج على كل المستويات على مساحة وطننا لبنان وعالمنا العربي وكلمة دمج هي لغة نحتاجها لمواجهة الانقسام والفتن التي تحاك ضد وطننا ومنطقتنا العربية ليبقى لبنان وطن العيش المشترك الاسلامي – المسيحي، ووطن التلاقي والمحبة والاخوة والوحدة الوطنية الداخلية التي اعتبرها الامام المغيب القائد السيد موسى الصدر بأنها "افضل وجوه الحرب مع العدو الاسرائيلي".
ويخلص قبيسي إلى أننا في لبنان بحاجة للاهتمام بالانسان وبأمس الحاجة الى لغة الدمج والى ممارستها، ويتوجّه بالشكر إلى مدرسة زبدين الرسمية على انطلاقتها وبشكل رسمي كمدرسة دامجة للعقول والافكار وليس فقط دمجا للاجساد، ويقول: "الشكر لمديرها الذي تبنى المشروع وتابعه كما نشكر كل من ساهم ودعم واحتضن هذه المبادرة الخلاقة والابداعية ومنهم بلدية زبدين وجمعية بيوند وجمعية الشبيبة للمكفوفين لاننا نطمح الى التميز في الاداء التربوي والوطني ونرفض التمييز على كل الصعد".