انجزت دائرة نفوس صيدا نسخ قيودها من جديد بما يحفظ سجلات المواطنين الشخصية وذاكرتهم، من خلال استنساخ السجلات المتضررة على ميكروفيلم وتجليد السجلات الجديدة، بكلفة وصلت الى نحو 40.000$ (اربعون ألف دولار أميركي) خلال 9 أشهر، وذلك تمهيداً لمبادرة الدولة للقيام بمشروع المَكْنَنَة الشاملة لدوائر سجلات النفوس في كل لبنان. وفي اطار مشروع آخر لتأهيل وترميم وصيانة ابنية وممرات وحدائق ومكاتب سراي صيدا الحكومي تقوم به وزارة الأشغال العامة بناء لدراسة هندسيّة قدمها مكتب المهندس عبد الواحد شهاب مساهمة منه حيث بدأ العمل فيه نهاية العام 2012.
وسجلات دائرة النفوس في صيدا لم يدخل عليها اي تحديث منذ عقود طويلة، وتكاد تكون منذ عهد الدولة العثمانية والانتداب الفرنسي واستقلال لبنان، حيث احترق جزء منها في الحرب اللبنانية وادت أحداثها الى تضرر واتلاف سجلات نفوس سكان صيدا الموزعين على 13 حيًّا منها المسالخية والكشك والكنان ورجال الاربعين وباب السراي والزويتيني وحي الشارع والسبيل ومار نقولا وحي الوسطاني والدكرمان، وصولا الى الاجتياح الاسرائيلي للبنان عام 1982، الّذي دمّر أيضًا وخرّب ما خرّب، فيما بلغ عدد السجلات التي تم اعادة نسخها نحو 79 سجلا، فيما كانت التالفة منها والتي تحتاج لإعادة ترميم نحو 16 سجلا وذلك من خلال دراسة أجراها رئيس قسم نفوس لبنان الجنوبي قائممقام مرجعيون وسام الحايك ومأمور نفوس صيدا جورج سعد.
وقد انجز هذا العمل على افضل ما يمكن بمدة قصيرة، حيث تم نسخ كافة سجلات النفوس بالأسطر والكلمات، ووضعهم في ملفات جديدة تسهل على موظفي ومخاتير المدينة شؤون المواطنين في الدوائر الرسمية، بانتظار ادخال المَكْنَنَة الالكترونية.
ويؤكد مخاتير صيدا ان فكرة تحديث قلم النفوس واعادة نسخ سجلات القيود، جاءت بعد شكاوى كثيرة من الصعوبات التي يواجهونها في انجاز معاملات المواطنين، بسبب حاجة سجلات النفوس للتحديث والتطوير، فضلا عن تأهيل المكاتب وبسبب النقص في عدد الموظفين، وقد ارتفعت وتيرة مطالبهم بضرورة انقاذ السجلات التي تقادمت على مدى سنوات طويلة، ونالها الكثير من التمزق والضياع، فاقترحوا فكرة ان تكون صيدا نموذجا لكل دوائر النفوس في كل لبنان عبر المبادرة الى عملية ترميم دوائر السجلات فيها، فوصلت الشكاوى الى مسامع نائبي صيدا رئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة والنائب بهية الحريري، فسعيا لتنفيذه مع المجلس البلدي للمدينة برئاسة محمد السعودي الذي اخذ على عاتقه التنفيذ في عهده. تضافرت جهودهم جميعا بالتعاون مع وزارة الداخلية ممثلة بمصلحة النفوس فيها ومحافظة لبنان الجنوبي، من اجل ان يبصر هذا المشروع النور رغم الصعوبات التي اعترضته وفي مقدمها التمويل الذي تم تأمينه من خلال استحداث صندوق تكافلي في بلدية صيدا، وتخصيص حساب مصرفي له لاستقبال مساهمة من يرغب من ابناء المدينة في دعم اي مشروع ذي منفعة عامة.
وقال المهندس السعودي ان المشروع حقق حلم مخاتير وابناء المدينة باعادة تدوين وترتيب ومكننة سجلات النفوس الممزقة، حيث سيتم حفظ كل السجلات في ذاكرة رقمية الكترونية في خطوة لاحقة، وفي الوقت نفسه يجسد نموذجا للعمل التكافلي الذي لطالما تميزت به صيدا، وترجم من خلال انشاء صندوق خاص في البلدية اسميناه "الصندوق التكافلي للمدينة".
واعتبر السعودي ان انجاز هذا العمل هو هدية لابناء مدينة صيدا، شاكرا نائبي لانجاز هذا المشروع ومدير عام النفوس في لبنان سوزان خوري وفريق عملها الذين عملوا بجهد كبير"، قائلا ان "ابناء مدينة صيدا يستحقون هذا العمل، بعد معاناتهم والمخاتير من التوجه إلى الإدارة المركزية في وزارة الداخلية في حال ارادوا الحصول على إخراج قيد إفرادي أو عائلي، ما يحملهم مزيداً من الرسوم القانونية ومصاريف أخرى"، مشددا انه سيوفر على بعضهم عناء متابعة معاملاتهم في بيروت ويخفّف من المصاريف التي كانوا يتكبدونها، اذ ان العمل بات اليوم ينجز في سراي صيدا الحكومي.
ويقول المختار محمد بعاصيري ان انجاز هذا المشروع هام وحيوي، وقد وضع على السكة خلال تولي السنيورة لوزارة المالية، حيث اتخذت اولى خطوات المكننة الشاملة للدوائر العقارية ودوائر المساحة، بينما بقيت دوائر النفوس، علما ان الصحائف العينية والسجلات لا يقل حجمها واتساعها عن سجلات دوائر النفوس، بل هي ربما تكون اكثر منها حجما، وبالتالي كان هناك حاجة الى ان يصار الى اعتماد نفس الاسلوب الذي اعتمد والذي نجح، وننعم الآن بمكننة شاملة للدوائر العقارية والمساحة، واعتقد ان هذا الأمر يمكن الاقتداء به على صعيد دائرة النفوس.