تعكس مختلف التصريحات التي تصدر عن قياديين في حركة "حماس" في قطاع غزة، خصوصاً في الفترة الأخيرة ما بعد العدوان الإسرائيلي على غزة، واللقاءات التي جرت بين الفصائل الفلسطينية وفي مقدمتها حركة "حماس" و "إسرائيل" على الأرض المصرية، نوعاً من التحسن والاختراق الحقيقي سيحدث في هذه العلاقة التي شهدت توتراً كبيراً بعد عزل الرئيس المصري محمد مرسي، والاتهامات المصرية لحركة "حماس" التي هي فرع من جماعة "الإخوان المسلمين" بتدخلها في الشأن الداخلي المصري، وهو ما تنفيه الحركة.
ورغم إعلان القيادي البارز في حركة "حماس" محمود الزهار، أوائل الشهر الحالي، أنّ هناك اختراقاً وتغيراً إيجابياً في العلاقة مع مصر، إلا انّ البعض يرى أنّ تطورها مرهون بتحسين علاقة الفلسطينيين فيما بينهم، خصوصاً المتعلقة بأوضاعهم السياسية الداخلية.
وصدرت في الفترة الأخيرة عدة تصريحات عن قياديين ومسؤولين في حركة "حماس" تتضمّن إشادة بدور مصر تجاه القضية الفلسطينية، وتاريخ مصر، وأنه يمكن تجاوز ما حصل بغض النظر عمن يحكمها في إشارة واضحة إلى أن العلاقة تقترب من التحسن.
يمكن تجاوز ما حصل
ويرى الكاتب والمحلل السياسي طلال عوكل أنّ العلاقة بين حركة "حماس" و "مصر" يمكن أن تأخذ منحىً جديدًا انطلاقاً من سلوك حركة "حماس" بالأساس، لافتاً إلى أنّ مصر هي بصراع داخلي مع "الإخوان المسلمين" وهي تريد أن تكف الحركة الفلسطينية عن التدخل في الأوضاع الداخلية المصرية.
لكنّ عوكل يؤكد، في حديث لـ"النشرة"، أنه يمكن تجاوز ما حصل من توتر كبير في العلاقة بين الجانبين، لكنه يشدّد على أنّ التحسن أو التطور لا يمكن أن يحدث بشكل سريع.
ويرجح عوكل أن تنتقل الأمور بين الجانبين من حالة العداء إلى حالة التعامل الطبيعي، دون أن يعني ذلك الانفتاح الكامل، "إذ إنّ الثقة الكاملة لا يمكن أن تُبنى بين ليلةٍ وضحاها، ولكن على الأقل يمكن أن تتراجع الحملة العدائية ضدّ حماس بشكل كبير".
تقدم مرهون
"لا بديل عن مصر"، هذا ما تؤكد عليه حركة "حماس"، ويلفت إليه المختص في الشؤون العربية والدولية تيسير محيسن، والذي يؤكد لـ"النشرة" أن حركة "حماس" ليس لديها بديل سوى أن تعيد بناء علاقتها مع مصر، لافتاً إلى أنّ إصرارها على إجراء المفاوضات مع إسرائيل ولقاءات المصالحة على الأراضي المصرية هو تأكيد على أنه لا بديل عن الدولة المصرية.
ويرى محيسن أنّ حالة القضية الفلسطينية وأوضاع قطاع غزة بعد العدوان الإسرائيلي الأخير، ومتابعة مصر للشأن الغزي، كلّها عوامل دفعت النظام المصري لإعادة النظر في العلاقة مع حركة "حماس".
ويشدّد محيسن على أن الأيام والأشهر المقبلة ستشهد تقدماً هذه العلاقة، لكنه يعرب عن اعتقاده بأنّ مثل هذا التقدّم مرهون بمدى الاستقرار السياسي والعلاقة الداخلية الفلسطينية الفلسطينية، كترتيب أوضاع قطاع غزة تحديداً، والعلاقة بين السلطة الفلسطينية وحركة "فتح" مع حركة "حماس"، "لأن ما يعني النظام المصري هو غزة".
ويرى المختص في الشؤون العربية والدولية أنّ "ترتيب أوضاع الفلسطينيين أنفسهم سينعكس إيجابياً على العلاقة مع مصر، ودون ذلك سيعطل بناء العلاقة".
اختراق وتحسن
وفي وقتٍ بدا لافتاً استخدام إعلام حركة "حماس" لمفردات تصالحية مع مصر في فضائية وإذاعة الأقصى التابعة لها، مثل الرئيس المصري عبد الفتاح السياسي، بعد أن كان يُلقب طوال الفترة الماضية بـ "قائد الانقلاب" وغيرها، ما يعني أن حراكاً داخلياً في حركة "حماس" يحدث تجاه تغيير وتحسين العلاقة التي شهدت توتراً كبيراً في الفترة السابقة، علمت "النشرة" أن لقاءً رسمياً عُقد بين وفد حركة "حماس" الذي زار القاهرة أواخر شهر أيلول الماضي لاستكمال مفاوضات التهدئة مع إسرائيل، وعدد من المسؤولين المصريين، لبحث الاشكاليات التي حدثت في العلاقة بين الطرفين ومناقشة مختلف القضايا العالقة، نتج عنه اختراق حقيقي في العلاقة.
هذا الأمر يؤكده القيادي في حركة "حماس" ومسؤول الدائرة الإعلامية فيها صلاح البردويل في حديث لـ"النشرة"، لافتاً إلى أنّ الحركة قدّمت توضيحًا بهذا الخصوص لمصر، مشدّدًا في الوقت عينه على أنّ "حماس" لم تكن السبب في توتر العلاقة مع مصر، "إذ أننا كنا دائمًا نرى أن مصر بحكم التاريخ والجغرافيا هي سند للقضية الفلسطينية ولا زلنا نرى ذلك".
ويعتبر البردويل أنّ "الذي تغيّر ليس من طرفنا بل هو نتيجة لحسابات داخلية مصرية، أوصلت إلى قناعات بأن حركة حماس شكلت خطراً على أمن مصر القومي وهذا الأمر لا أساس له من الصحة" وفق قوله. ويضيف: "نحن نعتقد أنفسنا رافعة لأمن مصر، ولم نكن في يوم من الأيام نشكل خطراً على أمنها القومي".
ويتوقع القيادي الحمساوي أن تكشف الأيام أنّ كل الادعاءات التي صدرت بحق حركة "حماس" هي ادعاءات خاطئة، "وهذا ربما يصحح ويحسن العلاقة بين مصر وحماس".
أخيراً، تبقى حركة "حماس" معنية في تطوير وتحسين علاقتها مع مصر، وتلطيف الأجواء مع تفكيك كافة العقد التي أدت إلى تعكير العلاقة وتوتيرها في الفترة السابقة. يُقابل ذلك مصرياً بعدم تخلي الشقيقة مصر عن دورها تجاه القضية الفلسطينية ومختلف مشاكل وقضايا غزة، لكن كل ذلك يبقى مرهوناً بالأوضاع الفلسطينية الداخلية والعلاقة بين السلطة والفصائل في قطاع غزة والضفة الغربية المحتلة.