لم تعد سرقة الصيدليات في لبنان أمرًا عابرًا يحصل في كلّ فترة بهدف سرقة المال، فالأدوية داخل الصيدليات أصبحت هدفًا رئيسًا لدى عصابات السرقة في بيروت وضواحيها، وعند الحديث عن الأدوية فليست أدوية "المسكنات أو المخدرات" هي المقصودة، بل كلّ أنواع الأدوية "الغالية الثمن" التي يمكن حملها، تمامًا كما حصل في صيدلية "الغاردينيا" بالحازمية، فهل هذا يعني وجود سوقٍ سوداء لتصريف الادوية المهربة والمسروقة؟
قاربت قيمة المسروقات من صيدلية "الغاردينيا" السبعين ألف دولار أميركي، هي عبارة عن أدوية متنوعة، وثمنها مرتفع بحسب صاحب الصيدلية وعضو نقابة الصيادلة في لبنان فادي الخوري، الذي يشير في حديث لـ"النشرة"، إلى أنّ موقع الصيدلية الجغرافي في شارع سعيد فريحة بالحازمية جعله ينام مطمئن البال في شقته الكائنة في نفس مبنى الصيدلية، كون "هذه المنطقة أمنية بامتياز".
المفاجأة بحسب الخوري لم تكن السرقة بحد ذاتها، ولا خلع باب الحديد "السميك" والمقفل "بقفل سبع طقّات"، بل كانت بطريقة عمل السارقين الذين حضروا مرّتين إلى الصيدلية بظرف ساعتين. ويقول: "الرابعة إلا خمس دقائق فجرًا حضر ثلاثة أشخاصٍ يقودون سيارة كيا (وهذا ظهر بأشرطة المراقبة الموجودة لدى الأجهزة الأمنية)، وخلعوا الباب ونقلوا ما يمكنهم نقله وغادروا في الرابعة والثلث، ليعودوا مجدّدًا عند الساعة الخامسة إلا عشر دقائق فجرًا ويسرقوا المزيد من الأدوية".
في سياق الحديث عن سرقة الصيدليات والادوية، يبرز إلى الواجهة سؤال مشروع عن المكان الذي يتمّ فيه تصريف الادوية المسروقة، مع الاشارة إلى أنّ الخوري ناشد نقابة الصيادلة تبليغ كل من له علاقة ببيع الدواء في لبنان بأن السارقين سيحاولون بيع أدويته، معبّرًا في الوقت نفسه عن خشيته من وجود "بعض التجار" الذين لن يتردّدوا بشراء الادوية بأسعار منخفضة.
من جهته، يكشف نقيب الصيادلة في لبنان ربيع حسونة أنّ في لبنان حوالي "300 دكانة تبيع الأدوية دون أيّ رقابة عليها". ويوضح، في حديث لـ"النشرة"، أنّ "أغلب المستوصفات لا تخضع للمراقبة من الجهات المعنية وبالتالي تشتري وتبيع الادوية كما تشاء". ويعبر حسونة عن قلقه من كارثة ضخمة يمكن أن تقع بحال تمّ تصريف الأدوية بطريقة عشوائية، إذ إنها تحتاج للحفظ بطريقة معيّنة وقد تفسد اذا لم تراعَ هذه الطريقة، ومن هنا فإن كميات ضخمة من الادوية "الفاسدة" قد تصبح بمتناول المواطنين.
ويدعو حسونة الاجهزة الامنية لحماية الصيدليات تمامًا كحماية المصارف فهذه الامكنة ليست دكاكين، والادوية بداخلها ليست مزحة. وفي هذا الاطار يشير مصدر أمني، في حديث لـ"النشرة"، إلى أنّ وتيرة عمليات سرقة الصيدليات انخفضت في الاونة الاخيرة بعد إلقاء القبض على عدد من السارقين الذي تبيّن أنّ هدفهم أدوية المخدرات، لافتا النظر إلى أنّ سارقي الصيدليات ليسوا عصابة واحدة بل عدة عصابات. أما عند الحديث عن سوق سوداء تُباع عبرها الادوية المسروقة، فيرفض المصدر التعليق، مؤكدًا أنّ الاجهزة الامنية تقوم بدورها والتحقيقات تسير بشكل جدي.
قد لا يكمن الخطر بعملية سرقة الصيدليات نفسها رغم التساؤلات التي تُطرح عن دور الاجهزة الامنية والبلديات بوقفها، إذ إنّ "التأمين ضد السرقة" موجود لدى اغلب الصيدليات، إنما صحة المواطن في لبنان لا تأمين عليها، وإن انتكست بسبب ادوية "فاسدة" سُرقت وبيعت في سوق سوداء، فالعوض على الله وحده.