لا يتوقف قادة حزب العدالة والتنمية في تركيا عن النصب والاحتيال في تصريحاتهم كما هو حال قادة الإخوان المسلمين في المنطقة من طار منهم أو من تبقى، إذ شبه راشد الغنوشي زعيم حركة النهضة التونسية هزيمته الانتخابية بـ(صلح الحديبية) دون أن يقدم تفسيراً سياسياً، أو اقتصادياً، أو اجتماعياً لما حدث، ذلك أن هؤلاء عندما تأخذ منهم عدة النصب والاحتيال على الجماهير المتمثلة بدغدغة مشاعر الناس الدينية فإنك ستجد لديهم خواءً فكرياً، وروحياً، وتناقضاً كبيراً بين النظرية والتطبيق، ولأن نظام أردوغان قًُدم منذ عام 2002 على أنه النموذج في المنطقة فإن منظِّر هذا النظام رئيس الوزراء الحالي أحمد داوود أوغلو لا يتورع عن استخدام عدة النصب والاحتيال ذاتها، ففي تصريحات أطلقها مؤخراً على خلفية إعلان زعيم حزب الشعب الجمهوري كمال كيليتشدار أوغلو بأن حزب أردوغان قد أصبح (الدولة)- قال داوود أوغلو: (إن حزب الشعب الجمهوري، وحزب الشعوب الديمقراطي الكردي إلى جانب الرئيس بشار الأسد، أما حزبه فيقف إلى جانب الضحايا، مشبهاً ما حدث في سورية بما حدث في كربلاء، ومعتبراً أن حزب العدالة والتنمية هو حزب يمثل روح الهجرة النبوية، وروح شهر محرم، وكربلاء، وأخلاق أبو أيوب الأنصاري، وحضرة الحسين)- انتهى الاقتباس-
صاحب الحزب الذي يدعي أنه يقف إلى جانب الضحايا والمستضعفين، ويحمل أخلاق الحسين، وأبو أيوب الأنصاري، ويستحضر كل أسماء الصحابة والآيات القرآنية، والأحاديث النبوية من أجل الاستمرار في عملية النصب التاريخية المستمرة، كشفت المعلومات التي نشرت في وسائل الإعلام التركية مؤخراً حجم إنفاقه على قصر الرئاسة الجديد الذي أسماه بـ(سراي العدالة والتنمية) لا حظوا النصب هنا، إذ قال وزير المالية التركي محمد شيمشك أمام لجنة الموازنة والتخطيط في البرلمان: إن تكاليف القصر الجديد قد تصل إلى أكثر من 1.37 مليار ليرة تركية، أي ما يعادل 615 مليون دولار، أنفق حتى الآن منها 964 مليون ليرة تركية وتم رصد (300) مليون ليرة تركية في السنة المالية 2015.
وحسب المعلومات التي نشرتها وسائل إعلام تركية فإن مساحة هذا القصر تصل إلى 300 ألف م2 مساحات طابقية، ويضم نحو ألف غرفة وهو الأضخم في العالم حتى بالنسبة لقصر سلطان بروناي الذي أنجز في عام 1984، وكلف نحو (422) مليون دولار في ذلك الوقت.
وخلال بناء القصر تم قطع مئات الأشجار، والمساحات الخضراء داخل غابة معروفة في وسط أنقرة تعرف بـ(غابة أتاتورك)، وزود بأحدث الأنظمة التكنولوجية المتطورة جداً في كل الخدمات.
أبو الفقراء- والمستضعفين- والضحايا (أردوغان) سوف يدفع أيضاً من موازنة الأتراك مبلغ (185) مليون دولار ثمناً لطائرة إيرباص-جت خاصة بالرئاسة من أجل تنقلاته، كما أن المعلومات التي نشرت تفيد بأن صاحب أخلاق (الحسين- وأبو أيوب الأنصاري) أي –أردوغان- أنفق خلال 11 عاماً من وجوده كرئيس للوزراء أكثر بـ20.5 مرة مما أنفقه آخر ثلاثة رؤساء للحكومة التركية: نجم الدين أربكان، ومسعود يلماظ، وتانسو تشيللر (مجموعة فترات حكمهم عشر سنوات)، حيث قال النائب عن حزب الشعب الجمهوري (علي سيرين داغ): إن أردوغان أنفق (6.4) مليارات ليرة تركية نفقات سرية، على حين أن رؤساء الحكومة الثلاثة لم تتجاوز نفقاتهم السرية (312) مليون ليرة تركية.
وتساءل النائب التركي عن سبب الفحش في النفقات السرية لأردوغان خلال السنوات الأخيرة:
- 706 ملايين ليرة تركية في عام 2010.
- 951 مليون ليرة تركية في عام 2011.
- 1.175 مليار ليرة تركية في عام 2012.
- 1.448 مليار ليرة تركية في عام 2013.
أي إنه حتى نهاية العام المالي 2014 سيصل حجم الإنفاق إلى (5) مليارات ليرة تركية.
- نفقات أبو الضحايا، والمستضعفين هذه أثارت ردود فعل عديدة في الساحة السياسية التركية إذ قال زعيم حزب الشعب الجمهوري إن الذي يُسمي نفسه سلطاناً (أي أردوغان) بنى قصراً لنفسه في بلد فيه (3) ملايين عاطل من العمل، وقطع مئات الأشجار في متنزه كان يرتاده الأتراك للنزهات، واتهم الشركات التي بنت القصر بالفساد، مؤكداً أنه وفقاً لمحكمة الحسابات التركية فإن النسب الإضافية التي دفعت لاستكمال بناء (السراي) علاوة على ما هو مخصص بلغت ما بين 230%-1.915%، لتعلو أصوات مؤيدي الحزب إثر ذلك بالقول: (هناك لص في السراي).
لصوصية، وكذب، ونفاق نظام أردوغان- داوود أوغلو تظهر في كل تصريح، إذ يجب أن نكون متأكدين تماماً من أنهم عندما يتحدثون عن الأخلاق والالتزام فإنهم يمارسون قلة الأخلاق، والأدب، وعندما يتحدثون عن استقلالية القرار فإنهم يطبقون أدنى درجات العبودية والتبعية للأمريكي، وعندما يتحدثون عن الديمقراطية- والحريات- وفصل السلطات فإنهم يطبقون الديكتاتورية، والقمع، والهيمنة على السلطات كلها، ومن هنا فإن حكومة الوهم العثماني ثبت في كل يوم أنها تعيش وتمارس انفصاماً في الشخصية سيستمر معها حتى سقوطها، وهو حال كل حركات إخوان الشياطين الذين بدؤوا يتساقطون في المنطقة لسرعة تعفنهم- وانتشار رائحة ممارساتهم، ونفاقهم وكذبهم...
سراي أردوغان الجديد الذي يريد من خلاله شطب تاريخ تركيا الحديث وأي ارتباط لها بـ«أتاتورك»، لن يفيده بشيء حينما تحين ساعة سقوطه إذ إن القصور لم تنفع من قبله لا شاه إيران، ولا حسني مبارك، ولا كل من انبطح لأمريكا حينما تقرر واشنطن إزالته، والتجارة بآلام الضحايا والمستضعفين تكشفها ببساطة الأرقام المخصصة لبناء سراي المنافقين.