أشار رئيس كتلة "المستقبل" النائب فؤاد السنيورة إلى أنه "لا استقلال لبلدنا ولا حماية لسيادته كما لا حماية لأي من مكوناته. وكذلك لا ملاذ غيرها يحمي من السقوط في وهدة الخلاف والتناحر"، لافتاً إلى أنها الدولة التي اساسها احترام مبدأ الحقوق والواجبات، المتساوية لكل المواطنين، الدولة المؤهلة والساعية والمصممة من أجل بسط سلطتها الكاملة على كامل التراب الوطني"، مشدداً على أنها "دولة المواطنة القادرة على توفير الحماية الفعلية للجميع بعيداً عن أوهام الحمايات الطائفية والمذهبية التي لا تساهم إلاّ بالمزيد من التفكك، وتعميق شقة التباعد بين مكونات الوطن، وهي التي لا تحمي أحداً بل تسهم في إضعاف الانتماء الوطني والقومي وتشريد مكوناته وبعثرة مقدراته".
وفي كلمة له خلال ندوة حول كتاب "بين الفوضى اللبنانية والتفكك السوري" للوزير السابق شارل رزق في فندق ليندا سرسق، أشار إلى أن "إقرار المحكمة الدولية في مجلس الأمن شكل أمراً هاماً يُشهدُ به للوزير رزق ويُشهدُ له موقفه الحازم في الالتزام مع زملائه الوزراء خلال وجوده على رأس وزارة العدل وكذلك لآخرين كانت لهم إسهاماتهم القيمة والمؤثرة آنذاك في متابعة الأمر حتى إقرار المحكمة الدولية من قبل مجلس الأمن الدولي وبعد ذلك التقدم على مسارات قيامها بعملها".
من ناحية أخرى، سجل السنيورة في كلمته تحفظه على رواية رزق لما جرى بين الخامس من ايار والسابع منه في العام 2008 حين اتخذت حكومتنا قرارين بتفكيك شبكة اتصالات "حزب الله" وبإقالة الضابط المسؤول عن امن المطار والتي يقول فيها رزق: "اما حزب الله فقد سجل مرة جديدة انتصاراً كبيراً مستفيداً من سيطرته على الارض ومن عدم تحسب السنيورة لنتائج القرارين اللذين حمل حكومته على اتخاذهما"، مشيراً إلى أن "الجميع يعرف أني لم أكن متحمساً للقرارين ليس لعدم اقتناعي بهما فهما صحيحين لجهة التأكيد على سيادة الدولة والحفاظ على هيبتها واحترام القانون ولكن لجهة عدم تلاؤم توقيت اتخاذهما مع الظروف الدقيقة التي كانت سائدة آنذاك، ولذلك بقيتُ متحفظاً حتى آخر تلك الجلسة الشهيرة"، موضحاً أنه "باستثناء مساندةٍ لموقفي من وزيرين فقط، وما كان رزق من بينهما، فقد كان هناك إصرار على السير بهما".
ولفت إلى أن "عدداً من الوزراء آنذاك أبدوا استعدادهم للاستقالة اذا لم يجر اقرار هذين القرارين، وتعلمون ان الحكومة آنذاك لم تكن لتستطيع تحمل استقالة اي من اعضائها، والحقيقة أيضاً أنني قد بقيت اردد بمفردي طوال تلك الجلسة التي انتهت عند الرابعة والنصف فجرا اني "شديد التوجس" من هذين القرارين. لذلك وعندما يقول الصديق الوزير رزق اني لم اكن متحسبا فانه بهذا الكلام كان وعن غير قصد حتماً يجافي الدقة".
وشدد على أن "من يلجأ إلى استعمال القوة العسكرية ضد أبناء وطنه وضد منطق الدولة ويتقصد عدم الاحتكام إلى مؤسساتها الدستورية والقانونية يمكن أن يحقق في المحصلة أي انتصار، بل سيكون عملياً مهزوماً مع أبناء وطنه ومهزوماً أيضاً مع وطنه، وفي الحد الأدنى فإنه لا يكون بعمله العسكري هذا يسهم في الحفاظ على الوحدة الوطنية وعلى السلم الأهلي"، مؤكداً أنه "عندها لا بدّ لنا من أن نتساءل وفق أي مقياس يمكن اعتبار ذلك انتصاراً"، قائلاً: "للأسف هذا ما حصل في السابع من أيار عام 2008 ويلمس اللبنانيون جميعاً التداعيات السلبية من جروح وتوتر وتشنج وأحقاد طالت الوطن والمواطنين ومازالوا إلى اليوم يعانون من سلبياتها".
من جهة ثانية، رأى السنيورة أن "وطنُنا ومنذ العام 1975 يستنزف دون طائل ودون انقطاع ونخاطر بمستقبل بلدنا ومستقبل أبنائنا ولا يرف لبعضهم جفن، وها نحن وكما ترون ننزلق من هاوية إلى أخرى ونهدر ونفوت فرصاً هائلةً لا تعوض"، لافتاً إلى أن "السؤال الذي يجب ان نطرحه وبصدق على أنفسنا: ألم يحن الأوان لكي نوقف هذا النزف ونحد من هذا التدهور ونستفيد من تلك التجارب المريرة التي عانينا منها ومازلنا؟ خصوصاً وأنّنا قد نجحنا في ابتكار حلٍّ لوقف النزف والتدهور عبر انجاز تسويةٍ داخلية تمثلت باتفاق الطائف الذي أنقذ لبنان واللبنانيين وحمى الجمهورية ونظامها الديمقراطي"، مشيراً إلى أن هذا الاتفاق "من الممكن أن يشكّل ومع استكمال وحسن تطبيقه، مصدر إلهام لعدد من دول الربيع العربي التي تجتاحها الأزمات وهي تبحث عن الوسائل والأدوات التي تمكنها من الاستفادة من فضائل تنوع مكوناتها. الحقيقة أنّ علينا أن ننعم النظر في كيفية الوصول إلى وقف هذا النزف المستمر وأن نضع حداً لهذا الإهدار المتمادي الذي يتعرض له وطننا وإنساننا اللبناني ومستقبل جميع اللبنانيين".
وشدد على أن "أمامنا فرص متاحة للإصلاح والتطوير والنهوض السياسي والوطني والاقتصادي والاجتماعي وذلك عبر إنجاز قانون جديد للانتخابات الذي هو أساس الإصلاح السياسي في أي دولة"، داعياً إلى الاستفادة هذه الفرصة المتاحة وعدم اهدارها.
وأوضح أن ذلك يكون "عبر سلوك الطريق المنتج والمفيد المتمثل بانتخاب رئيس جديد للجمهورية وهو الأمر الذي فشلنا بتحقيقه بعد أن كانت هناك اربعة عشرة محاولة لانعقاد جلسة انتخاب للمجلس النيابي ولم تسفر عن نتيجة ذلك مما اضطرنا إلى العودة لسلوك طريق التمديد لمجلس النواب اما وقد وصلنا إلى ما وصلنا إليه".
وأكد أن "الاولوية تبقى في الاتفاق على انتخاب رئيس جمهورية جديد للبلاد وان يتم ذلك بالتوافق بين كل الأطراف المعنية. رئيس يتمتع بالقيادة والرؤية والاعتدال ويلتزم حماية الدستور ويكون قادراً على احتضان اللبنانيين والسير بهم ومعهم إلى المواقع التي تجمعهم وتشكل القاسم المشترك بينهم، وذلك حتى نتمكن من إخراج لبنان من مآزقه وإقداره على عبور بحور الانقسام التي تواجهه. عندها يمكن الانصراف لإطلاق ورشة إنتاج قانون للانتخاب يراعي تعزيز المواطنة والدولة المدنية واللامركزية الادارية وتطبيق ما لم يطبق من اتفاق الطائف واعادة دراسة خطط الانماء المتوازن وتطوير الحياة السياسية انطلاقاً من الاعتراف والالتزام بتنفيذ عملية تعزيز سلطة الدولة وسيادتها الكاملة على جميع أراضيها لكي تكونَ قادرةً على حماية لبنان واستقلاله وتعزيز أمن وأمان مواطنيه".
وفي سياق منفصل استقبل السنيورة ظهر اليوم، في مكتبه في بلس، سفيرة اليونان لدى لبنان كاترين بورا. وكانت مناسبة للبحث في الاوضاع العامة في لبنان والمنطقة.
وكان السنيورة قد استقبل ، صباحاً، سفير سلطنة عُمان لدى لبنان أحمد بن بركات بن عبد الله آل إبراهيم. وجرى عرضٌ للمستجدات على الساحتين المحلية والإقليمية .