بعد أن بات مؤكّداً أن لا حظوظ رئاسية لرئيس تكتل "التغيير والإصلاح" العماد ميشال عون، وبعد أن قال "حزب الله" كلمتَه وسمّى الجنرال مرشّحاً أوحداً لفريق الثامن من آذار، دارت دورة اللاعبين الأساسيين في ملعب رئاسة الجمهورية وتحرّكت العجلات للاتيان برئيس توافقيّ.
وعلى غير عادة، وللمرة الأولى منذ اغتيال رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري، تحرّكت إحدى المقرّبات إلى قلبه وبادرت بالاتصال بالسيّدة نورا جنبلاط طالبة إليها إقناع رئيس "اللقاء الديمقراطي" النائب وليد جنبلاط بلقاء حاكم مصرف لبنان رياض سلامة. طلبٌ لم يستطع "البيك" رفضَه بالرغم من "عدم استلطافه" الحاكم منذ سنين خلت.
عدم استلطاف "البيك" للحاكم لا يندرج في إطار المزاج الجنبلاطيّ فحسب، بل يتعدّاه الى النزعة الاشتراكية الانتقائية عند "البيك"، خصوصاً وأنّ لديه شكوكًا بأن الحاكم على الأقل لم يقم بما يجب لمنع "كارثة بنك المدينة".
أما اليوم، وبرأي جنبلاط، فإن سلامة رئيساً أرحم من الفراغ، وأن من استطاع التعايش مع من اتّهمهم بقاتليّ "المعلّم" يمكنه التحالف مع من تستّر على حفنة من السارقين.
أيّاً تكن الأسباب المهمّ أنّ "البيك" أعطى موافقته على لقاء الحاكم، الّذي سيكون قريباً جدّاً وفي مناسبة اجتماعية قد تمهّد لتبنّي زعيم المختارة ترشّح الحاكم. وما يميّز سلامة عن غيره من المرشّحين المطروحين كتوافقيّين، أنه غير مرفوض من قبل أي جهة رفضاً قاطعاً، والقطب الوحيد الذي كان غير مرحّبٍ بترشيحه أيّا تكن الأسباب كان جنبلاط نفسه.
كما أن ما يميّز سلامة أنه مقبول من "حزب الله" خصوصاً وأنّه استطاع حماية أموال المقاومة في المصارف اللبنانية طوال سنوات، وايجاد الحلول غير المضرّة بـ"حزب الله" يوم اتّهمته واشنطن بتبييض الأموال، وهدّدت المصارف التي تتعامل معه. والحزب ربيبٌ بمن وقف الى جانبه في أحلك الظروف، والعماد ميشال عون مثال حيّ على ذلك.
أما بعد، فلسلامة مكانة في قلوب المقرّبين الى رئيس الحكومة الراحل رفيق الحريري ومن لفّ لفيفهم. وهم اليوم من يسعون إلى الإتيان به رئيساً لسببين رئيسين، أوّلهما تمرير مرحلة الضياع السياسي في الشارع السنّي بأقلّ خسائر ممكنة، والرغبة بتعيين حاكمٍ جديد أكثر ولاء لسياسة "تيار المستقبل" الاستدانية.
المرحلة اذاً تنتظر تسويق سلامة بين اللاعبين الثلاث، الذين إذا ما اجتمعوا سيتصاعد الدّخان الأبيض من مدخنة القصر الجمهوري، بغضّ النّظر عن رأي المسيحيين الذين سيوافقون مكرهين خصوصاً وأنّ لا حظوظ لأقطابهم بالوصول الى بعبدا، أقلّه في السنوات الست المقبلة!
أما ما يعيق وصول سلامة إلى بعبدا، فليس أقلّ بكثير ممّا قد يوصله، رغم وجود عائقين أساسيّين، ليس أولهما العماد عون الّذي قد يقلب الطاولة على رؤوس الحلفاء، وهو اعتاد على هكذا خطوات منذ الـ2005 ناهيك عن عدم تجانسه مع الحاكم الذي يرى نفسه زعيماً مارونيّاً ووطنيّاً استطاع حماية الليرة اللبنانية في أصعب الظروف وأخطرها. وثانيهما رئيس "تيار المردة" سليمان فرنجية الذي يمتلك ورقة الصداقة مع الرئيس السوري بشّار الأسد، والذي رضي بعون مرشّحاً أوحد لقوى الثامن من آذار غير أنه لن يقبل بسواه كمرشّح بديل عن عون ويمتلك أوراق الضغط الكافية سياسيّاً لمنع وصول الحاكم.
ومن هنا تشير المصادر ان قطار تسويق الحاكم قد انطلق وحظوظه تتفوّق على حظوظ قائد الجيش اللبناني العماد قهوجي الذي لا يحظى برضى عونيّ ولا بمحبة تيار المستقبل.
في الخلاصة، الحظوظ سلاميّة والكرة اليوم في الملعب الجنبلاطيّ. فهل يكون مرشّحه "الحلو" كبش فداء جديد على سفرة الرئاسة اللبنانية؟