فتحت العمليات التي ينفذها الفلسطينيون في مدينة القدس المحتلة بؤرة الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، خصوصاً في ظلّ تصاعد أعمال القتل والاجرام التي ينفذها الاحتلال الاسرائيلي تجاه الفلسطينيين ما دفعهم لإطلاق ما أسموها "انتفاضة القدس"، في وقت يتحدّث محللون عن محاولاتٍ لوقفها تمثل آخره من خلال اللقاء الثلاثي في العاصمة الأردنية الذي جمع وزير الخارجية الأميركي جون كيري مع الملك الأردني عبد الله الثاني ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو لتهدئة الميدان المشتعل في القدس.
وفي الوقت الذي تتهم فيه حركة "حماس" الرئيس الفلسطيني محمود عباس بالعمل مع الاحتلال من أجل احتواء انتفاضة القدس، ترفض حركة "فتح" هذه الاتهامات، وتؤكد أنّ القيادة الفلسطينية تدين كلّ إجراءات الاحتلال في القدس، وهي تقاتله وتحاصره على الصعيد الدولي، مشدّدة على أنها مع المقاومة الشعبية "السلمية" لا "المسلحة"، على حدّ تعبيرها.
عباس يسعى للقضاء عليها..
ورأى النائب في المجلس التشريعي عن حركة "حماس" يحيى موسى إن العدو الإسرائيلي لم يترك وسيلة ولا مجالاً لاستفزاز الفلسطينيين من أجل إثارة سخطهم وغضبهم إلا ومارسه على الأرض في القدس المحتلة، من خلال الاقتحامات والاعتداء عليهم والعمل الممنهج على تهويد المسجد الاقصى.
وفي حديث إلى "النشرة"، أكد موسى أنّ "الشعب الفلسطيني شعر بأنه في معركة تفرض عليه بكل السبل التصدي لهذه الممارسات القمعية وهذه الجرائم"، لافتاً إلى أن ما يجري في القدس تتحمل مسؤوليته القيادة الإسرائيلية التي ترعى الجريمة والمتطرفين والإرهابيين.
وأوضح موسى وهو قيادي بارز في حركة "حماس" بقطاع غزة، إن الأعمال التي يقوم بها الفلسطينيون في القدس، يمكن أن تسمى انتفاضة القدس، لكن حتى تستمر وتتجذر لا بد أن ترتفع اليد الامنية الفلسطينية عن الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية المحتلة والقدس، لأن الرئيس الفلسطيني محمود عباس، "يعمل مع الاحتلال بكل السبل لاحتواء هذه الانتفاضة ويسعى لإجهاضها" حسب تعبيره.
وأشار إلى أنّ الرئيس الفلسطيني محمود عباس "يسعى للقضاء عليها وهذا ما اتفق عليه في الأردن مع كيري ونتانياهو ويعلنه دائماً عندما يستنكر هذه العمليات البطولية".
هل يحاول عباس فعلياً وقفها؟
من جهته، تحدث الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني طلال عوكل عن محاولات أميركية حصلت في عمان من أجل وقف الانتفاضة، بعد الاجتماع الثلاثي الذي ضم وزير الخارجية الأميركي جون كيري مع العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو والذي جرى خلاله بحث سبل إعادة الهدوء وإزالة أجواء التوتر في القدس، إضافة إلى تهيئة الظروف الملائمة لإحياء مفاوضات السلام بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي.
وفي حديث لـ"النشرة"، لفت عوكل إلى أن المخططات الاسرائيلية في القدس المحتلة، وصلت إلى مرحلة من الصعب معها تحقيق تهدئة أو استئناف المفاوضات، خصوصاً في ظل تأكيد نتانياهو "أن لا افق أمام العملية السلمية واتهامه للسلطة الفلسطينية بالتحريض على الارهاب".
وشدد عوكل على أن إسرائيل لديها نوايا واجراءات ضد السلطة التي اتهمتها بالتحريض على الإرهاب، في الوقت الذي لا يوجد أي تراجع إسرائيلي عن استكمال المخططات التهويدية في القدس المحتلة.
وأضاف عوكل: "لا يلام الفلسطينيون على ردود أفعالهم التي قد تكون منظمة وقد تكون فردية لأن الاسرائيليين لم يبقوا أحدا خارج دائرة الاستهداف، وبالتالي هم يخلقون عملياً وضعًا ناضجًا لانتفاضة في القدس".
نحن نقاتل إسرائيل ونحاصرها دولياً
أما عضو اللجنة المركزية لحركة "فتح" في الضفة الغربية المحتلة جمال محيسن، فقال إن السلطة تدين كل ما يحدث في القدس المحتلة، وهي تطالب بهبة شعبية دون استعمال سلاح، لأن الجانب الإسرائيلي يحاول جر الفلسطينيين كما جر غزة إلى هذا المربع الذي يتفوق علينا فيه، بحسب قوله.
وفي حديث مع "النشرة"، قال محيسن "إننا نقاتل الاحتلال الاسرائيلي في المربع الذي نحقق انتصارا عليه من خلاله بالمقاومة الشعبية السلمية ونخوض معركة سياسية ودبلوماسية وقانونية في الساحة الدولية"، لافتاً إلى أنّ "ذلك هو موقفنا الاستراتيجي".
وتساءل محيسن عن النتائج في وقت "قدمنا أكثر من 2000 شهيد في قطاع غزة، وتم تدمير عشرات آلاف المنازل والمساجد والمؤسسات وغيرها" مضيفاً: "نحن نريد نتائج سياسية لأي مواجهة مع إسرائيل، لأننا نحاصرهم اليوم دولياً في الوقت الذي تعترف فيه الكثير من الدول بفلسطين والرأي العام الأوروبي الذي أصبح مؤيدا لذلك، ويطالب من خلال برلماناته الاعتراف بالدولة الفلسطينية.
وقال القيادي في حركة "فتح" محيسن، إن القيادة الفلسطينية تقود شعبنا للمصلحة الفلسطينية وتتصرف بعقل وحكمة، وتريد تحقيق انجازات من خلال المقاومة الشعبية والاستمرار في المواجهة الدولية.
في المحصلة، وبعيداً عن التحرك السياسي للقيادة الفلسطينية والجهود التي تبذلها لوقف الاعتداءات في القدس المحتلة وتحقيق انجازات سياسية فلسطينية على الصعيد الدولي، يبقى الميدان المقدسي مشتعلاً في ظل عمليات القتل والاستفزاز الذي ينفذها المستوطنون اليهود يومياً في مدن وأحياء القدس المحتلة، والتي تدفع الفلسطينيين للدفاع عن أنفسهم ومقدساتهم بكافة السبل والوسائل الممكنة ما يعني أن المعركة ستبقى مفتوحة.