المفاوض أحمد الخطيب. اسمٌ لمع أثناء مفاوضات تحرير العسكريين الأسرى لدى «جبهة النصرة» و«الدولة الإسلامية» في القلمون. الخطيب سبق أن أنجز صفقة راهبات معلولا بنجاح، لكنّه لم يُحقّق شيئاً حتى الساعة في ملف العسكريين الأسرى
رضوان مرتضى
بعد مرور شهر على أسر العسكريين اللبنانيين، سُرِّبت معلومات عن وساطة قطرية محتملة، بعد نجاح دورها في ملف راهبات معلولا اللواتي احتجزتهن «جبهة النصرة». ولم تكد تمرّ أسابيع قليلة حتى خرج إلى العلن اسم وسيط قطري يُدعى أحمد الخطيب، ليتبيّن أنّه سوري الجنسية، وليس قطرياً. الخطيب نفسه كان قد شارك في مفاوضات إطلاق سراح الراهبات.
اهتمام القطريين بملف العسكريين الأسرى لا يُشبه اهتمامهم بملف الراهبات. فهم لم يُرسلوا موفداً قطرياً، كما حصل سابقاً. ورغم وصف الخطيب بالموفد القطري في وسائل الإعلام، فإن مصادر قطرية تقول إنه «ليس مكلّفاً رسمياً من الحكومة القطرية بالوساطة».
أحمد الخطيب شاب سوري في العشرينيات من عمره. ابن بلدة كناكر في ريف دمشق، لم يكن مقيماً في الداخل السوري، بل كان يتنقّل بين قطر حيث كان يقيم بصورة دائمة ثم انتقل بعدها إلى دبي. وتُشير مصادر سورية معارضة، إلى أنّ الخطيب نشط على خط جمع المساعدات وإرسالها إلى الداخل السوري. وتكشف لـ«الأخبار» إلى أنه كان يطلب من ابن عمّه فواز الخطيب، الملياردير ورجل الأعمال المعروف في دبي، إرسال حوالات مالية لأفراد سوريين محتاجين. وتشير أيضاً إلى أنّ الخطيب كان ناشطاً إعلامياً سابقاً، عمل بداية على جمع معونات من التجار في العالم وعدة شركات من دُبي، ثم يُرسلها عبر فواز الخطيب، صاحب شركة ساكا، إلى الداخل السوري.
ارتباط الخطيب بالجماعات المسلّحة بدأ مع المجموعات التي خرجت في ريف حماه، وربطته صداقة وطيدة بقائد «كتيبة أبو الفدا»، المرتبط بحركة الإخوان المسلمين، قبل أن تبايع «جبهة النصرة». وهو كان على تواصل دائم مع «كتيبة أحمد الخلف» و«لواء أبو مالك الكردي»، لتخلص إلى القول إنّ هذه العلاقات مهّدت لتأديته دور المفاوض بحكم معرفته الواسعة بعدد من القيادات في صفوف مجموعات المعارضة المسلّحة.
لم يسجّل للمفاوض السوري أي تصريح، لكن سرت روايات عن مغامراته في ملف التفاوض. وتكشف مصادر قريبة من المفاوضات لـ«الأخبار» أنّ وساطة الخطيب رفضت بداية من قيادتي «النصرة» و«الدولة»، وان أمير «النصرة» أبو مالك التلّي رفض استقباله في بداية مهمته. ثم طلب منه عناصر التنظيم الإتيان بتصريح من الحكومة اللبنانية يُدوّن فيه موافقتها كتابياً على مبدأ المقايضة وتفوّض إليه التفاوض بالنيابة عنها. حال «الدولة» معه ليس أفضل من «النصرة». فيما لا يعيره تنظيم «الدولة» أي أهمية، لاعتباره أن لا قدرة له على فعل شيء، ويرفض اعتباره موفداً قطرياً، مؤكداً أنّه «ليس مكلّفاً رسمياً من الدولة القطرية».
تعددت مغامرات الخطيب بين بيروت والبقاع. ففي إحدى المرات، وأثناء مروره بسيارة مزودة بزجاج حاجب للرؤية تحمل لوحة سورية في محلة الطريق الجديدة في بيروت، هاجمه شبّان قبل أن تتدخل القوى الأمنية وتنقله إلى المخفر. كان حينها برفقة أحد أصدقائه المدعو حسن الحجيري، ابن بلدة عرسال، الذي يعمل في مجال باصات النقل التابعة لشركة الصاوي زنتوت. وفي حادثة أخرى، ترددت معلومات عن توقيفه على أحد الحواجز أثناء محاولته إدخال حافلتين محمّلتين مساعدات إنسانية إلى عرسال. تُشبّه المصادر الخطيب بالناشط الإعلامي علاء الشيخ، ابن بلدة الرستن الذي نشط على هواء الفضائيات الداعمة لـ«الثورة السورية» قبل أن يُصبح لاحقاً أحد أمراء الحرب فيها. وتذكر المصادر أنّ الشيخ كان في البداية يتسوّل المال من رجال الأعمال السوريين لدعم مجموعة هنا أو نقل مساعدة إلى هناك، قبل أن يتحوّل إلى أحد أثرياء «الثورة» الجُدد. لا يقصد هنا الإساءة إلى المفاوض السوري، لكن حصيلة الوساطة حتى الآن لا تعدو كونها فقاعة إعلامية لم تُحقق شيئاً مما حققه الوسيط السابق مصطفى الحجيري المشهور بـ«أبو طاقية»، الذي نجحت وساطته في إخراج عسكرياً.
ممثل «النصرة» لبناني
كان القيادي في جبهة النصرة «أبو عزام الكويتي»، هو من يتولّى المفاوضات في ملف راهبات معلولا. وبعد مقتله في معارك يبرود، نقلت المهمة اليوم إلى القيادي في «النصرة» المدعو «أبو صُهيب»، ثم نقل الملف من جديد إلى ابن مجدل عنجر المدعو عمر صالح الملقّب بـ«أبو الفاروق». وصالح يشغل مركز المسؤول الأمني في «جبهة النصرة»، وهو كان برفقة إبراهيم أبو معيلق الذي قتلته استخبارات الجيش في البقاع بداية العام الجاري للاشتباه في ارتباطه بـ«كتائب عبد الله عزام»، فيما تمكّن صالح من الفرار حينها.