طوى حزب الكتائب صفحة التمديد للمجلس النيابي وكأنّ شيئاً لم يكن. الأولوية حالياً لانتخاب رئيس جديد للجمهورية. الكتائب ترك الحلبة للتيار الوطني الحر، ليكون المعارض الوحيد للتمديد، رغم أن قيادة الصيفي تغنت كثيراً بأن شيئاً لم يؤثر في تبديل خياراتها «المبدئية»، لا زيارة النائب سامي الجميّل للسعودية عشية جلسة التمديد، ولا ضغوط تيار المستقبل.
وحدهم عشرة نواب عونيين توجهوا إلى المجلس الدستوري ليطعنوا في قانون النائب نقولا فتوش. لم يكتفوا بذلك، بل أعلنوا بداية الأسبوع أن اجتماعات تكتل التغيير والإصلاح أصبحت مفتوحة لاتخاذ الخطوات الضرورية، في ضوء القرار الذي سيتخذه المجلس الدستوري. خطوات «التيار» المستقبلية لم تتضح بعد، ولكن الأكيد أن استقالة نوابه من المجلس النيابي غير واردة.
يوضح النائب سيمون أبي رميا أن الاجتماعات المفتوحة «لا تعني أن هناك 27 نائباً مجندين من أجل الاجتماع يومياً»، ولكنهم مستعدون لأي طارئ. النائب ميشال عون لا يناور، «هو فعلاً في صدد تصعيد المواقف». إلا أن ذلك لا يعني الاستقالة من المجلس النيابي، «فلو كنا متأكدين من أن لها نتائج إيجابية، لكنا استقلنا البارحة قبل اليوم. نحن بالنتيجة نشتغل سياسة». يقول أبي رميا إن الاستقالة ستدفع التيار إلى خيارين: «إما انتخابات فرعية في الدوائر التي سنفوز بها، ونكون بذلك قد قدمنا خدمة للطرف الآخر، وإما سنستقيل ولن تُوجَّه الدعوة إلى انتخابات بحجة الوضع الأمني التي على أساسها جرى التمديد الثاني». إذاً، لا يبقى أمام التيار إلا خيار تعطيل الرئاستين الثانية والثالثة، «من خلال عدم مشاركتنا في الجلسات النيابية والوزارية. لم يعد في إمكاننا أن نكمل في المسار عينه». لكن الخطوة النهائية لن تحدد قبل أن يصدر المجلس الدستوري موقفه من التمديد، ومن المتوقع أن «يمشي بالتمديد بحجة منع الفراغ».
يسير التيار العوني وحيداً في خياره التصعيدي، وهو لهذه الغاية لم يتواصل أو ينسق مع أي حزب آخر، «حتى الكتائب هناك تواصل بيننا كنواب ولكن لا شيء جدياً في ما خص موضوع التمديد والخطوات التي يجب اتخاذها»، يقول أبي رميا.
حديث نائب جبيل لا يعني أن التيار لم يفكر في طرح الكاردينال بشارة الراعي، الذي دعا المعارضين للتمديد الى الاستقالة: «نحن تلقفنا دعوته، ولكن ما الذي سيحصل من بعدها؟»، يسأل أحد المقربين من عون. السيناريو الاول هو احتمال أن يغض المجلس النيابي النظر عن استقالة النواب، «فيحق للرئيس نبيه بري، بموجب النظام الداخلي للمجلس، أن لا يُعلن استقالة النواب وبالتالي لا تعتبر سارية المفعول». التعطيل الثاني قد يأتي من وزارة الداخلية والبلديات: «من يضمن أن يدعو الوزير نهاد المشنوق إلى انتخابات فرعية في حال إعلان بري استقالة النواب؟». أما في حال اعتراف بري بالاستقالة، ودعوة المشنوق الى «فرعية»، فيبقى السؤال الاساسي: وفق اي قانون ستجري الانتخابات؟ يفصح المصدر عن اتصال جرى بين الرابية والبطريركية المارونية، «انطلاقاً من أن مَن طرح فكرة الاستقالة عليه أن يُنسق الخطوات اللاحقة. فلتتفضل بكركي وتكون على قدر المسؤولية المعطاة لها، ولنرَ اذا كانت فعلاً جدية في رفضها للتمديد». الرابية لم تتلق حتى الساعة جواباً من البطريركية. فكما دائماً وأمام كل استحقاق، يسافر الراعي وهو لم يعد… بعد، «ربما لأنه ليس جدياً كفاية ولا تصور عنده للحل». فيما يستبعد أحد المطارنة الموارنة أن تكون هناك «اجراءات جدية ستتخذها بكركي. هي مجرد مواقف أطلقها الراعي انطلاقاً من ثوابت بكركي». ولكن ربما «كان الاجدر به لو عمل بصمت وعدم تأمين الغطاء لأي طرف، سنظهر في النهاية وكأننا نتراجع عن مواقفنا».