ليست الحركة التي تقوم بها موسكو مؤخرًا باتجاه طرفي الأزمة السورية عابرة أو تهدف فقط للوقوف عند وجهات نظر محدّدة، فالروس يحملون حاليًا خطة متكاملة لحلّ الأزمة، أشبه بخارطة طريق واضحة المعالم وضعوا وزير الخارجية السوري وليد المعلم الاسبوع الماضي في تفاصيلها كما قياديين في المعارضة زاروا روسيا الشهر الفائت.
وتكشف مصادر سورية مقربة من النظام فحوى المبادرة الروسية، التي تنصّ على تعديل دستوري بالتنسيق مع المعارضة يضمن إجراء انتخاباتٍ نيابيةٍ مبكرة، فالتوافق على رئيس حكومة من المعارضة لا يستفزّ النظام، شرط الابقاء على وزارتي الداخلية والدفاع بيد الرئيس السوري بشار الأسد، على أن تكون باقي الحقائب مفتوحة للنقاش.
وتلحظ الخطة الروسية إعطاء بعض صلاحيات رئيس الجمهورية لرئيس الحكومة السني، على أن تتم اعادة الانتخابات الرئاسية مع الحفاظ على حق الأسد بالترشح.
وتشير المصادر إلى أنّ "المملكة العربية السعودية لم تدخل بعد كطرف مفاوض بشكل مباشر وهي وكّلت المهمة حاليًا لمصر، على أن تخفف لهجتها العدائية بوجه النظام السوري وصولا وفي حال نجحت المفاوضات لتعيين بديل لوزير الخارجية السعودي الحالي سعود الفيصل".
وعلى ما يبدو، فإنّ المبادرة الروسية لا تزال "طازجة" باعتبار أنّ قسمًا كبيرًا من المعارضة السورية لم يبلّغ بها بعد، في حين يدفع معارضون آخرون لاجهاض الطبخة لاعتبارهم أنّها "لا ترتقي لتطلعاتهم لمرحلة انتقالية لا يكون الأسد ضمنها".
وكان نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف، المبعوث الشخصي للرئيس الروسي في الشرق الأوسط، التقى مؤخّرًا مع ممثلي المعارضة السورية في إسطنبول ومنهم بدر جاموس، فيما استقبلت الخارجية الروسية المعارضين السوريين معاذ الخطيب وقدري جميل وغيرهما في موسكو.
وتحدّث معارضون سوريون عن أنّ المعلم أبلغ المسؤولين الروس الذين التقاهم رفض النظام الخوض في أيّ مفاوضات حول تشكيل هيئة حكم انتقالية، كما الجلوس على طاولة واحدة مع معارضة الخارج واشتراطه حصر المفاوضات مع معارضة الداخل، وهو ما بدا غير واضح في التصاريح التي أطلقها الوزير السوري بعيد لقاءاته في روسيا، فأكّد أن لا مشكلة لدى النظام في اجتماع حوار تمهيدي بين السوريين يقود لحوار آخر في دمشق، لافتا الى ان "الجانب الروسي يريد الحوار مع المعارضة الوطنية، بمعنى حوار سوري-سوري بعيدا عن أي تدخل خارجي". ولمّح المعلم في لقاءاته الأخيرة الى أن التسوية السورية قد لا تكون قريبة، مشيرا الى أن "العملية قد تحتاج إلى مزيد من الوقت، وإلى إعادة نظر من قبل مجموعات المعارضة بمواقفها الجامدة السابقة إذا كانت جادة في توصيل الحوار إلى نتائجه المرجوة".
وتشترط دمشق وتلاقيها روسيا على وجوب تهيئة الظروف لاستئناف عملية التسوية السلمية في سوريا بموازاة استمرار عملية مكافحة الإرهاب، باعتبار أن المفاوضات والحلول لا تلحظ مخارج للجماعات المتطرفة، بل خططا محكمة للقضاء عليها.