لماذا اختار الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون رئيسة البعثة الدولية لتدمير ترسانة الأسلحة الكيميائية السورية سيغريد كاغ، منسقة خاصة جديدة للأمم المتحدة في لبنان؟
بعد أربعة أعوام من سيطرة بريطانيا، من خلال روبرت واتكنز وديريك بلامبلي، انتقل المنصب إلى السيدة الهولندية المتزوجة من المسؤول السابق في منظمة التحرير الفلسطينية أنيس القاق ووالدة أولاده الأربعة.
كاغ لا تتقن اللغة العربية فحسب، بل مكّنها زواجها الفلسطيني ومهماتها السابقة في الأونروا واليونيسيف وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، من إتقان الخصوصيات السياسية والاجتماعية العربية، لا سيما اللبنانية.
كاغ التي انتصرت على منافسها المرشح للمنصب الأميركي دينيس روس، تخلف بلامبلي «أبرز خصومها مهنياً وسياسياً» كما تنقل مصادر في بعثة الأمم المتحدة في بيروت.
والأخير لم يترك أثراً طيباً في نفوس عدد كبير من المسؤولين اللبنانيين، إذ أنه تدخل، خلال ولايته، في كل شاردة وواردة في الاستحقاقات السياسية بين قوى 14 و8 آذار، فضلاً عن محاولته التسويق لدى مرجعيات لبنانية لـ «حل اسرائيلي لمشكلة الخروقات الحدودية يقضي بترسيم الحدود على قاعدة صفقة تبادل بين المناطق الحدودية التي يتحفظ عليها لبنان ومناطق أخرى محتلة يوافق العدو على التخلي عنها، فضلاً عن تثبيت ترسيم نهائي لنهر الوزاني». علماً بأن اقتراحاً كهذا يغيّر معالم الأراضي المحتلة بخلاف مندرجات القرار 1701.
ومنذ مطلع العام المقبل، وطوال عامين، ستثبت كاغ إما عن حيادية أو انحياز البعثة الأممية تجاه القضايا اللبنانية والصراع مع اسرائيل. التجارب اللبنانية السابقة لا تطمئن، إلا أن الانطباعات الإيجابية التي سجلها المسؤولون اللبنانيون تجاه قائد قوات اليونيفيل لوتشيانو بورتولانو، قد تؤسس لتعاون إيجابي بينه وبين كاغ. لكن هل تكفي إيجابيتهما في وقت استحدث بعض المسؤولين في اليونيفيل والبعثة الدولية علاقات من تحت الطاولة مع مسؤولين لبنانيين واسرائيليين؟ الأنظار تتجه إلى نائب رئيس بعثة اليونيفيل المدني الديبلوماسي البريطاني من أصل باكستاني عمران رضا. الأخير استلم منصبه قبل شهرين، خلفاً للدبلوماسي الروسي كارين تشاليان الذي تولى المنصب بالتكليف لثلاثة أشهر ووضعت أميركا واسرائيل «فيتو» ضد تثبيته. لم يكن غريباً استبعاد روسيا عن الجبهة الجنوبية لصالح رضا، أحد المقربين من مساعد الأمين العام للأمم المتحدة جيفري فيلتمان. بلامبلي ومسؤولون لبنانيون عززوا «الفيتو» ضد تشاليان. فهل تقدم كاغ استعراضاً مختلفاً؟
وإذا كانت نوايا كاغ تحت المجهر، ماذا عن نوايا بعض الضباط الدوليين تجاه الثوابت اللبنانية ضد العدو والحق في الأرض؟ علامات استفهام عدة رافقت قيام فريق من مكتب الشؤون المدنية في اليونيفيل بالتقصي ميدانياً حول النازحين السوريين في الجنوب، رغم أن بنود القرار 1701 لا تشمل الاهتمام بالنازحين. وكان غريباً اجتماع الفريق بقضاة لبنانيين لسؤالهم عن تعامل القضاء مع الموقوفين السوريين. وفي إطار استعراض الازدواجية الأممية، نقلت مصادر أمنية رسمية عن ضباط في قيادة اليونيفيل طلبهم السماح لهم بالتدخل مع الصيادين والمزارعين اللبنانيين في حال تقدموا الى أقل من خمسين متراً من خط الطفافات في بحر الناقورة أو الخط الأزرق.