أشارت صحيفة "البعث" السورية إلى أنه "يصعب تصديق أن الإدارة الأميركية جادة في محاربة الإرهاب. والتحالف الذي تقوده لهذا الغرض لا يكفي لإثبات صحة ادعائها. وثمة على الأقل ثلاثة أسباب تؤكد الشك في صدق نواياها. أولها أن محاربة الإرهاب محاربة ناجعة تقتضي تجفيف منابعه من خلال تنفيذ القرارين الدوليين 2170 و2178 اللذين يطالبان صراحة بوقف تدفق الإرهابيين ومنع تسليحهم وتمويلهم. لكن الإدارة الأمريكية لا تبدو حتى الآن معنيّة عملياً بتحقيق هذا المطلب الذي لا يمكن، في غيابه، أن تكفي محاربة الإرهاب عسكرياً للقضاء عليه، بينما هو قادر على تجديد نفسه من خلال الدعم السخي الذي مازال يتلقاه من بعض القوى الغربية والإقليمية وفي مقدمتها تركيا، فكيف إذا كانت محاربة الإرهاب تقتصر على الضربات الجوية فقط؟!".
ولفتت إلى أن الإدارة الأميركية بالإضافة إلى ذلك ترفض التعاون مع أهم طرف إقليمي يحارب الإرهاب ألا وهو الدولة السورية، مع أنها تعلم جيداً أن ضربات التحالف لن تكون فاعلة وتُحدثَ الأثر المطلوب، ما لم يتم التعاون مع الجيش العربي السوري الذي يحارب الإرهاب على الأرض. فما تقوم به وحلفاؤها منذ شهرين ليس أكثر من "ضربات تجميلية"، كما وصفها الرئيس السوري بشار الأسد في حديثه لمجلة "باري ماتش" الفرنسية، فضلاً عن أنها غير قانونية وتنتهك السيادة السورية. وليس غريباً أن تشدد روسيا مراراً وتكراراً على أنه لا أمل للتحالف في تحقيق الانتصار على الإرهابيين في سورية دون تنسيق واسع مع الحكومة السورية، فهذه بديهية لا يستطيع أحد تجاهلها إلاّ إذا كان هدفه الحقيقي تمديد حربه المزعومة على الإرهاب الى أجل غير مسمى لتحقيق أغراض أخرى كما هو شأن الإدارة الأميركية.
كما لفتت إلى أن "الإدارة الأميركية مستمرة في الرهان الأحمق على تدريب وتسليح ماتسميه "المعارضه المعتدلة" لمحاربة الإرهاب والحكومة السورية على حدٍ سواء، رغم أن هذا الرهان كان ومازال وراء نمو الإرهاب وتغوّله، فلم يشتد عود الإرهابيين ويصل الى ما وصل اليه، لولا الدعم الغربي والإقليمي الذي كان وما زال يُقدّم "للمعارضة المعتدلة" الاسم الملطّف للإرهاب نفسه، ولولا الحرب السياسية والاقتصادية والإعلامية الشرسة التي شُنت على الدولة السورية لضرب عوامل صمودها وتقليص قدرتها على التصدي للإرهاب".
واعتبرت أن "ماتدعي أميركا أنه حرب على الإرهاب ليس سوى حربٍ تجميلية وجعجعة بلا طحين. وأقل مايقال في هذه الحرب أنها فعل ناقص ومحكوم بالبطء والتردد الذي يعكس تخبط الإدارة الأميركية وتناقضاتها. ذلك أن هذه الإدارة تجد نفسها مضطرة لمحاربة الإرهاب لكن دون الرغبة في الوصول الى هدف القضاء عليه. ووجه الاضطرار هنا أنها، في المناخ العالمي المتشكل ضد الإرهاب، لا تستطيع مواجهة الضغط الداخلي والدولي بعد أن تجاوز "داعش" الخطوط الحمراء، وتبين أنه لم يعد تحت السيطرة، وأنه ككل الوحوش التي يتم تصنيعها في معامل الاستخبارات، لا بد أن ترتد على صانعيها في النهاية. أما عدم الرغبة في القضاء على الإرهاب فلأن هذا الأخير يحقق لها أهدافاً حيوية أهمها إضعاف الحاضنة السورية للمقاومة العربية واستنزافها إذا تعذر إسقاطها، واستغلال التردي العربي غير المسبوق لتصفية القضية الفلسطينية وإحكام السيطرة الامبريالية الصهيونية على المنطقة العربية".
وأضافت: "من المؤكد أن الامبريالية والصهيونية لن تجدا أفضل وأنجع من الإرهاب التكفيري ليحارب نيابة عنهما عدوهما العربي السوري اللدود، فكيف إذن تحارب أمريكا صنائعها وحلفاء ربيبتها المدللة إسرائيل من الإرهابيين إلاّ إذا كانت حربها حرباً استباقية شكلية لقطع الطريق على قيام الحرب الحقيقية التي كان يجب أن تتعاون دول العالم مع سوريا في شنها على الإرهاب، ولتحقيق أهداف خبيثة أخرى قد يكون أخطرها منح الإرهاب مايحتاج من وقت لتنفيذ مخطط تدمير المنطقة وإغراقها في الفوضى الدامية".
وشددت على أن "مصير رهانات الولايات المتحدة كما أهدافها إلى الفشل حتماً، فالإرهاب اليوم مشكلة العالم كله، ولن تستطيع الإدارة الأميركية الاستمرار طويلاً في المقامرة بمصير العالم وأمنه واستقراره بدلاً من الاعتراف بأنها لم تعد ذلك القطب الأوحد الذي يتحكم بمصائر الآخرين".