انفجر الصراع في عاصمة الكثلكة بين رئيس "الكتلة الشعبية" الياس سكاف من جهة والنائب نقولا فتوش وشقيقه بيار فتوش من جهة ثانية على خلفية إنشاء الفريق الثاني معملا للاسمنت في المدينة وضمن الأراضي المصنّفة للبناء، وهو الأمر الذي من شأنه أن يصيب مقتلا للمدينة التي بلغ عدد سكانها أكثر من مئة وخمسين ألف نسمة. فشكل هذا الملف مدخلا لعودة التكتل الشعبي الزحلي إلى الحياة بعد أن كانت الخلافات السياسية قد فعلت فعلها بين العائلات، وفرقت الاحزاب بين المكونات الاجتماعية لتعود الكارثة البيئية لتجمعهم تحت لواء سكاف الذي يقود معركة إلغاء الترخيص الممنوح، بحسب المعلومات، من ضمن صفقة شكلت على ما يبدو الثمن الذي طلبه فتوش لقاء تمرير قانوني التمديد الاول والثاني لمجلس النواب بالرغم من اعتراضات الحلفاء الاقربين والابعدين.
وقد شكّل الملف منطلقا أساسيًا لعودة التواصل بين فاعليات المدينة الروحية والزمنية التي ستشارك في المهرجان الشعبي المقرر الخميس المقبل في زحلة بدعوة من "الكتلة الشعبية" للتعبير عن رفض إنشاء المصنع في مشهدٍ ظاهره بيئي اجتماعي وباطنه سياسي بامتياز لعدة اعتبارات، أولها أنّ للشركة المملوكة من النائب نقولا فتوش وشقيقه شركاء إقليميين من دولة ما زالت فاعلة في البقاع، فضلا عن أنّ الترخيص الذي شكل الشرارة لانفجار الوضع في المدينة وجوارها حمل توقيع أكثر من وزير محسوب على جهة معينة، أبرزهم وزير الصناعة حسين الحاج حسن وهو لا يقدم على توقيع مثل هذه الصفقة من دون العودة إلى الحزب الذي يمثله في الحكومة ما يعطي الصراع الدائر راهنا بُعدًا إقليميًا لارتباطه بمصالح وحسابات اقتصادية تتعلق بقرب الموقع من العاصمة دمشق مع ما يعنيه ذلك.
وسط هذه المعمعة، تطرح أوساط محلية علامة استفهام كبيرة حول ما إذا كان "فاول" فتوش سيشكل مدخلا لتوحيد خصومه السياسيين التقليديين ضده خصوصاً أنه لم يكن يوماً على وفاق سياسي مع أحد من نواب المدينة أو أقطابها بل على العكس فإنّه أخرِج من كتلة "نواب زحلة" بالرغم من أنه ترأسها ولم يتمكن من الانضمام الى تكتل "التغيير والاصلاح" لأسباب معروفة أهمّها استمراره بالكسارات مع ما يعنيه ذلك من إحراج للمنادين بالاصلاح واستئصال الفساد الاداري والسياسي والبيئي.
في هذا الوقت، يعاني نواب المدينة من أزمة مكتومة تعود بأسبابها إلى المواقف السابقة لهم على غرار دعم التطرف والاصولية في عرسال خلافًا لتوجهات المدينة بل التزامًا بمواقف قياداتهم الحزبية. بيد أنّ الاحراج وصل إلى ذروته مع انفجار ملف معمل الترابة في المدينة، فتلبيتهم لدعوة سكاف الجميع للوقوف إلى جانبه في هذا الملف الذي يعني المدينة برمتها ومصالحها المتوسطة الامد تعني تراجعًا عن المواقف السابقة الممتدة الى سنوات خلت، فيما عدم التزامهم بمصالح أهل المدينة سيرتدّ سلبًا على شارعهم المتآكل أصلا لمصلحة سكاف لا سيما بعد حمله لواء الدفاع عن مصالح المدينة وسعيه إلى إسقاط المشروع من أساسه وليس توقيفه الى حين ومن ثم العودة الى نصوص المهل وما يتصل بها من مطبات قانونية قد تعيد إحياء الملفات الميتة فكيف الحال بالنسبة الى المجمدة.
كلّ ذلك يؤسّس إلى مشهد جديد في عاصمة الكثلكة قد ينتج عنه بعض التقارب في وجهات النظر وإن كانت هناك عقبات أساسية أبرزها أنّ سكاف قطع شوطا كبيرًا في هذا السياق فيما يتبعه الاخرون في مقولة معروفة وهي أنّ الذي يسبق في الخطوة الاولى يصل اولا. فهل يؤسس "فاول" فتوش الى توحيد خصومه وتكتلهم ضده ومحاصرته سياسيًا وشعبيًا؟