على رغم ان زيارات الموفدين الدوليين اخيرا لم تأت بحلحلة في الموضوع الرئاسي اللبناني الا انها دفعت بالامور خطوة الى الامام من خلال تعميم القول ان الاختراق المحتمل في هذا الملف يقضي بان يؤتى برئيس تسوية مع ان هذا الاقتناع قائم منذ اشهر وتحديدا منذ عزوف العماد ميشال عون الذي كان يتواصل مع تيار المستقبل عن المضي في خطوات اعلامية كان اتفق عليها من اجل ان يوجه زعيم التيار الوطني الحر رسائل الى قوى 14 آذار تفيد انه مرشح توافقي من جهة ولا يؤدي انتخابه الى ان يكون انتصارا لجهة هي "حزب الله" او قوى 8 آذار على الفريق الآخر من جهة اخرى. لم يخط العماد عون هذه الخطوة على رغم الاتفاق على تفاصيلها من حيث مضمون الرسائل التي تقول بانه لا مس في اي شكل لتحالفه مع "حزب الله" ولا نقض لورقة التفاهم بينهما وفق ما تفيد المعطيات. وعلى عكس ما كان مقررا اطل العماد عون لاحقا في اتجاه مناقض لبعض العناوين التي اتفق عليها. ولاحقا تم الدفع في اتجاه ان يلتقي العماد عون القوى المسيحية وفقا لاكثر من طرف دفع في هذا الاتجاه فيحصل على موافقة وتأييد الجميع لانتخابه لرئاسة الجمهورية بمن في ذلك وزير الخارجية السعودي سعود الفيصل لدى لقائه صهر العماد عون الوزير جبران باسيل لكن من دون جدوى.
الخطوة المعروفة التي تبلورت اكثر بعد زيارة الديبلوماسي الفرنسي جان فرنسوا جيرو للبنان تكمن في ان العمل يجري من اجل الوصول الى انتخاب رئيس تسوية وبات بعض السياسيين من غير قوى 14 آذار يجاهرون باستحالة وصول العماد عون وفق ما يعتقد انه بات واضحا بالنسبة اليه ايضا ولو انه لم يعلن بعد قبوله بهذا الواقع وانتقاله الى مرحلة الاستعداد للبحث في اسم الرئيس المقبل. الا ان هذا لا يعني ان النقاش لا يدور حول ذلك في الكواليس. والسؤال في بعض هذه الكواليس هو هل يستطيع العماد عون انقاذ دوره في تزكية الرئيس المقبل ام لا؟ فمع ان كل الكلام يدور على احقية زعماء الطائفة المارونية في اختيار اسم الرئيس المقبل، فان كلا من العماد عون والدكتور سمير جعجع نجح في تعطيل وصول الآخر في شكل اساسي. اذ ان رئيس حزب القوات اللبنانية وصل على ذمة ما يرويه المطلعون السياسيون الى حد القبول بالوزير باسيل بدلا من عمه العماد عون الى سدة الرئاسة الاولى ولم تنجح الجهود التي قيل ان زعيم تيار المستقبل بذلها مع جعجع من اجل اتاحة وصول العماد عون. فكانت خطوة تقديم النصيحة للزعيم العوني باعتماد مقاربة مختلفة في التوجه الى مسيحيي قوى 14 آذار تحديدا لكون تيار المستقبل لا يستطيع الخروج من حلفائه وتجاوزهم. ونقل عن لسان جعجع الى رئيس التيار الوطني الحر استعداده للقبول بباسيل بدلا من عون الذي رحب بذلك كما علم، الامر الذي قاد الى شائعات بان الرئيس سعد الحريري رشح باسيل بدلا من عون. الا ان ذلك لا يعني راهنا امكان ترجمته وفق هؤلاء باحتمال ترشيح عون لباسيل لاعتبارات متعددة من اهمها هو العنوان الذي يحكم ملف الرئاسة اي بان لا مرشح محتملا من قوى 14 او 8 آذار وما لم ينطبق على العماد عون كرئيس تسوية او رئيس وفاق لا ينطبق على صهره في الوقت الذي يعتبر كثر انه اذا كان ممكنا انتخاب باسيل، فمن الافضل انتخاب عون.
يقول المطلعون ان ثمة فرصة لا تزال متاحة للزعماء الموارنة للمساهمة في تزكية مرشح وذلك على رغم ان العمل يسري على تأمين وصول مرشحين من لائحة المرشحين المعروفة والتي تضم اربعة الى خمسة اسماء. وهناك اثمان سيطلبها العماد عون وهي شبه معروفة في مجملها كما ان هناك اثمانا سيطلبها الدكتور جعجع الذي، وعلى رغم ان مطالب عون هي في الواجهة، فانها اثمان قائمة ومرتفعة السقف بالنسبة الى كثر. فهل يغتنم الزعماء المسيحيون هذه الفرصة فعلا ام لا؟