أكّد بطريرك القدس ورئيس أساقفة اللاتين في القدس والأراضي المقدسة فؤاد طوال أنّ أعداد المسيحيين في قطاع غزة تقلّ عاماً بعد آخر، بفعل الأوضاع الصعبة التي يعيشونها كالحصار الإسرائيلي والأزمات التي تعاني منها غزة، والتي دفعت الكثيرين منهم إلى الهجرة خارج البلاد، مشدداً على أنّ غزة، هي "جزء من كنيستنا وبطركيتنا ونأتي إليها بحكم الواجب لنقف مع أبنائنا المتألمين هنا".
وفي حديث خاص إلى مراسل "النشرة" في فلسطين محمد فروانة، أشار البطريرك الطوال والذي زار غزة خلال الأيام الماضية لساعات معدودة، قادماً من مدينة القدس المحتلة لإحياء عيد الميلاد مع الطوائف المسيحية في القطاع، إلى أنه يلاحظ أنّ الأعداد تقلّ كلّ سنة، وشرح ذلك قائلاً: "قبل أعوام كنا ما يقارب 5000 شخص ومن ثم تقلص العدد إلى 4000، والآن أقل وأقل حتى أننا أصبحنا 1500 شخص على الأكثر"، ولفت إلى أن الناس في القطاع لا يُلامون على ذلك، بفعل الظروف الصعبة التي يعيشونها والتي تشمل الجميع دون استثناء.
سلام غزة هو سلام المسيحيين
وأعرب البطريك الطوال عن اعتقاده بأنّ الوضع سيكون كارثيًا أكثر لو حصل أيّ عدوان إسرائيلي جديد على قطاع غزة، وقال: "أهلنا هنا يعيشيون الأزمات بتفاصيلها والعدوان على الجميع والمسيحيون جزء لا يتجزء من هذا الشعب فلهم نفس الآمال والأمنيات".
وشدّد رئيس أساقفة اللاتين في القدس والأراضي المقدسة، على أنّ سلام قطاع غزة هو سلام المسيحيين، متمنياً أن تعود المحبة والأخوة بين أبناء الشعب الفلسطيني "كي نضع جهودنا في إعمار البلد الذي دمّره العدوان الإسرائيلي الأخير".
وأضاف: "العيد يجمعنا والمسيح يجمعنا والطفل الصغير يجمعنا، وهذا درس يؤكد أننا نريد الهدوء والبساطة وليس الكبرياء، نريد الطفولة والقداسة، درس الميلاد الذي نتمنى أن نحصل عليه ونتمنى من الله أن يعطينا السلام".
رسالتنا هي أمنيات نرجو أن تتحقق
وردًا على سؤال حول رسالة البطريركية في هذا العيد، قال الطوال: "رسالتنا هذا العام هي أمنيات أكثر منها رسالة، بأن يعود السلام والعدل، وأن يعود الناس إلى حياتهم الطبيعية البشرية الانسانية في ظل الظروف الصعبة التي نمر بها وتمر بها غزة التي جذبت نظر العام ولم يعد شخص في العالم يمكن أن يدعي أنه لم يعد يعرف بما يحصل في غزة، إذ أن الكل يعلم بالمأساة التي تقع على غزة".
ودعا الطوال الجميع للعمل كي يعود الحق والعدل والسلام للعائلات والأمهات والجرحى في الضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة والقدس، مضيفاً: "سمعنا أنهم يريدون أن يبنوا غزة من جديد، وهنا نقول، من يبني لطفل عمره ثماني سنوات أصبح شاهداً في حياته على ثلاثة حروب، وشاهد أهله يُقتلون أمامه، فمن يعيد له بيته من جديد؟ من يعيد له الأمن والسلام والثقة في الحياة من جديد؟"
أعطونا الحرية..
وعبّر البطريرك الطوال عن أمله في إعادة إعمار قطاع غزة من جديد، خصوصاً في ظل هذه الظروف الصعبة التي يعانيها المشردون، محذراً من العودة إلى العدوان من جديد والتي يمكن أن يقودنا إلى الدائرة السابقة التي أدت بغزة إلى الدمار والدم والقتل والتشريد، قائلاً: "أعطونا حرية، أعطونا مرفأ ومطارًا، واسمحوا لنا بالصيد في بحرنا، افتحوا لنا الأبواب كي نعيش كباقي الناس، وإلا سنبقى نعيش في ظروف صعبة".
وشدّد على أنه يجب أن يكون هنالك شيء من المنطق لما يحصل في غزة، الذي يدفع سكانها الأبرياء الثمن دائماً.
تهنئة بالميلاد
وتمنى البطريرك الطوال أن يعمّ الأمن والسلام في المنطقة ككلّ مع بداية العام الجديدة، وأن يكون عام سلام ووحدة وطنية فلسطينية، وبين الأمة العربية، وأن ينتهي العنف وتكون سنة جديدةِ بكل معنى الكلمة، كلها عدل أكثر وسلام أكثر وتعاون وتعايش أكثر.
وتوجه بالتهنئة إلى الأمة العربية والعالم بعيد الميلاد والعام الجديد، والشعب اللبناني الذي تمنى له أن يعم السلام في بلده ووطنه ويصبح الوضع السياسي أكثر استقراراً، و"لكل أهلنا وأحبائنا وأشقائنا هناك".