يحاول معظم القياديين في حركة "أمل" كما الشخصيات المقربة من رئيس المجلس النيابي نبيه بري البقاء خلف الاضواء... فالضوء في الحركة يحرق صاحبه تلقائيًا باشارة واحدة من رئيسها الذي نجح طوال السنوات الماضية باستبعاد أيّ مرشح لوراثته سياسيًا.
تطول اللائحة ولا تنتهي، من محمد عبد الحميد بيضون إلى أيوب حميّد وغيرهما كثر سطع نجمهم وما لبث أن انطفأ بقرار من بري الذي يخلي الساحة تمامًا من أيّ منافس أو وريث له. وقد اثار تقرير تلفزيوني عُرض مؤخرا وتناول أدوار وزير المال علي حسن خليل ومستشار بري احمد البعلبكي، بلبلة وامتعاضًا داخل صفوف الحركة، فأعيد فتح ملف خلافة بري كرئيس للحركة ورئيس لمجلس النواب على حد سواء.
قبل أعوام معدودة سئل بري خلال جلسة له مع شبان جامعيين عن الشخصية التي يحضّرها لاستلام مهامه، فكان جوابه: "كما لم يكن أحد يتوقع استلامي حركة أمل لن يتوقع أحد من قد يستلم بعدي.. لا أحد مرشحًا ولا أحد مستبعدًا"... ولا شك أنّه وبعد مرور هذه الأعوام لا يزال جوابه على ما هو عليه.
وقد دفع بري والذي يرأس المجلس النيابي في لبنان منذ أكثر من 22 عاما بالوزير خليل الى الاضواء موكلا ايّاه بأكثر من مهمة رغم عدم امتلاكه الحيثية الشعبية التي يتمتع بها آخرون وأبرزهم حليفه تنظيميًا النائب هاني قبيسي مسؤول "أمل" في الجنوب والذي يُعتبر الأكثر شعبية في الحركة.
أما البعلبكي فلا قاعدة شعبية يتكئ عليها بل الكثير من الصلاحيات والامتيازات التي أرادها له بري. ويحتدم الصراع الداخلي في "أمل" مع كل محطة مفصليّة وخاصة باطار الدائرة الصغرى المقربة من رئيس المجلس النيابي، والمولجة صناعة القرار والمؤلفة من خليل وبعلبكي وقبلان قبلان، عضو هيئة الرئاسة في الحركة وشقيقه محمود بري.
وفيما يرجّح مطلعون على أجواء "أمل" أن يفرض بري حين يرى هو ذلك مناسبًا أحد ابنائه لخلافته برئاسة الحركة، بالرغم من أنّ أيًا منهم لم ينجح بالبروز تنظيميًا واعلاميًا أو حتى سياسيًا كما باقي أبناء الزعماء السياسيين في لبنان، تبقى رئاسة المجلس حكرًا على بري إلى أجلٍ غير مسمّى بغياب أيّ شخصية قادرة على ملء كرسيه في البرلمان.
وتشدّد مصادر معنية بالملف على عدم إمكانية الحديث عن خليفة بري في الوقت الحاضر، لافتة إلى أنّ القوى الممسكة بالقرار في العام 2017 هي من ستقرر من يرأس المجلس، "علمًا أنّ بري يبقى المرشح الأوحد لقوى 8 و14 آذار على حد سواء، ورئاسته للبرلمان بندٌ من بنود أي تسوية قادمة".
ويتركز الحديث الداخلي بين الأفرقاء الشيعة على وجوب أن يكون رئيس المجلس الذي يخلف بري بقاعيًا بعدما استحوذ الجنوب على الرئاسة الثانية طوال الأعوام الـ22 الماضية كما على الأمانة العامة لـ"حزب الله" والكراسي الشيعية الأولى في مؤسسات الدولة، مع علمهم بأن لا معركة مرتقبة وبأن دعواتهم ستبقى باطار التمنيات على المستوى الفردي والشعبي.
يُذكر أن معضلة الوراثة السياسية لا تقتصر على حركة "أمل" وبري بل تطال قسمًا كبيراً من الأحزاب اللبنانية وعلى رأسها الحزبان المسيحيان الرئيسيان، أي "التيار الوطني الحر" و"القوات اللبنانية".