خمسة وعشرون بالمئة هي نسبة الطلاق سنويا في مدينة النبطية الجنوبية ومحيطها، إذ إنّ مقابل كل مئة حالة زواج خمسة وعشرين حالة طلاق، وهذه النسبة المرتفعة جدا تبدو في طريقها للتصاعد أكثر، ففي الشهرين الماضيين سجلت المحكمة الجعفرية في النبطية ستة واربعين حالة طلاق رسمية، وهذا دون احتساب حالات الطلاق للازواج الذين لم يسجلوا زواجهم في المحكمة بعد.
الـ"واتساب"؟
تختلف أسباب الطلاق وتتنوع، ولكن سببان اساسيان يشكلان عاملا مشتركا بين حالات طلاق كثيرة، وهما حسب مصدر من داخل المحكمة الجعفرية في النبطية، الحالة الاقتصادية وبدرجة اكبر "الواتساب". ويضيف المصدر عبر "النشرة": "بداية قبل الحديث عن مشكلة الواتساب، لا بدّ من التطرق للمشكلة الاقتصادية التي يعاني منها جيل الشباب فتؤدي لعدم اقدامهم على خطوة الزواج، او تؤدي بالمتزوجين الى الطلاق واغلاق هذه المؤسسة التي تسمى "زواج""، ويكشف أنّ "أغلب الاشخاص الذين يعقدون قرانهم هذه الايام هم المغتربون الذين لهم القدرة المادية على هذه الخطوة". هنا، وحسب العادات الجنوبية، يتصل المغترب بوالدته لتبحث له عن فتاة يتزوجها، فتجري الوالدة "تحرياتها" وتختار العروس ويتم الزواج او "الخطبة" عند زيارة المغترب للبنان. والمقصود هنا ان فترة التعارف بين الزوجين تكاد تكون معدومة وهذا يؤثر على سير العلاقة ويؤدي الى الطلاق بغالبيّة الاحيان حسبما يشير المصدر من داخل المحكمة، اذ ان الزواج لم يتم عن تفاهم.
"خرّاب البيوت"
بينما كان علي وهو احد المطلقين حديثا في النبطية، يلهو بهاتفه وصلته رسالة عبر تطبيق "الواتساب" حملت في طياتها "محادثات وصورة" جعلته حسبما قال لـ"النشرة": "كاره لنفسي وحياتي وكل الجنس اللطيف"، فالصورة تعود لزوجته شبه العارية والمحادثات عائدة لها ايضا مع شاب غريب. ويضيف علي: "بعد عامين من الزواج وصلتني هذه الصورة لزوجتي التي ظننت بأنها تحبني وتحترمني، ولذلك لم يكن بامكاني تحمل هذه المرأة كزوجة لي فطلقتها". ويرفض علي الدخول في تفاصيل علاقته مع زوجته السابقة، مؤكدا ان المشاكل التي كانت بينهما لا تبرر لها فعل الخيانة.
وهنا لا بد من الاشارة، الى اننا لا نقصد بالحديث عن علي، إظهار وكأن النساء وحدهنّ الخائنات، اذ ان الرجال لا يقصرون ايضا، وهذا ما يشير اليه مصدر المحكمة الجعفرية في النبطية: "ان النسبة الاكبر من حالات الطلاق بسبب الهاتف والواتساب هي لنساء اقمن علاقات عاطفية عبر الهاتف ولكن هذا لا يعني عدم وجود حالات اخرى يكون الرجل فيها هو الفاعل". ويضيف: "هذه الظاهرة بحاجة الى دراية واهتمام شديدين ويجب على الاهل متابعة اولادهم قبل خروجهم من منزلهم الى منزل الزوجية"، مشيرا الى ان قلة معرفة الاهل بالتكنولوجيا الحديثة تؤدي الى تحرر ابنائهم من كل القيود وهذا ما يستمر معهم بعد الزواج.
في هذا السياق يلفت الاستشاري النفسي الاجتماعي أحمد يوسف الى ان القاء اللوم على "الواتساب" هو في غير مكانه، ويقول في حديث لـ"النشرة": "عادة لا يمكن ارتكاب الخيانة لاسباب بسيطة او مشكلة صغيرة، بل هي نتيجة تراكم مشكلات، يحس عبرها الطرف الخائن بأنه لا ينتمي الى هذه العلاقة"، مشيرا الى ان هذه الاسباب قد تكون مثلا الارتباط "بالقوة" او بدون حب.
ويشرح يوسف ان الـ"واتساب" بحد ذاته ليس المشكلة، بل هو وسيلة سهلة وسريعة لتفريغ المشاكل الموجودة بين الطرفين، فهو متوافر طيلة النهار والليل ويمكن اللجوء اليه داخل المنزل وخارجه، ولذلك اصبح وسيلة شائعة للخيانات.
في الخلاصة، ان الطلاق يسير بنسق مرتفع، واصبح هدم "البيت الزوجي" امرا سهلا، وهذا ما يستدعي تحركا سريعا لكل من يعنيهم الامر، فالحوار ضرورة ليس فقط في عالم السياسة بل في عالم الحياة الزوجية ايضا، كي لا يصبح الطلاق مثل "دخول الحمام".