متّعنا نظرنا منذ يومَين بمظاهرة تجتاح الشوارع الألمانيّة مطالبةً بوقف الزحف الإسلامي نحو الغرب، وتفاجأنا البارحة بفاجعةٍ تهزّ العاصمة الفرنسيّة باريس ردًّا على رسوم كاريكاتوريّة طالت النبيّ محمد والخليفة المزعوم أبو بكر البغدادي. عسى أن يكون الشهداء الفرنسيّون حملانًا قدّموا على مذبح الشهادة من أجل خلاص الغرب وسكّانه. ولكن، لماذا وصل الإرهاب إلى فرنسا؟ لماذا إرتجّت عاصمة أوروبا والغرب؟ أمن أجل رأي حرّ يُقتل الأبرياء؟
أيّها الفرنسيّون، جاهرتم وفاخرتم بدعم أحرار العالم العربي وإذا بكم تدعمون إرهابيين وجهادييّن خرّبوا عالَمنا وعالمكم، قمعوا حرّيتنا وحريّتكم، هددّوا عيالنا وعيالكم. إنقلب السّحر على السّاحر، فمن دعمتوهم بحجّة تحرير شرقنا ها هم يحتلّون غربكم. إنطبق عليكم المثل اللبناني القائل: "قاعد بحضننا وبتنتف بدقننا". من حضنتوهم قتلوكم ومن أمّنتم لهم خانوكم.
إهتزّ العالم بوقوع 12 قتيلاً غربيًّا ولم يهتزّ جفنٌ لوقوع مئات آلاف الشرقيًّين.
ما زالت وجوه مسيحييّ الموصل المشرّدين ترافق خيالنا، لم ننس بعد راهبات معلولا ولا أسقفَي سوريا. لم ولن ننسى عناصر جيشنا اللبناني المخطوفين في الجرود. ما زلنا لليوم نهتّم بمهجّري الموصل الذين تخلّيتم عنهم. ما زالت مخيّمات اللاجئين السورييّن تعجّ بالمشردين الذين ساهمتم بتهجيرهم.
أيّها الغربيّون والأوروبيّون والفرنسيّون أين أنتم من تاريخكم؟ ماذا فعلتم بمسيحيتكم؟ كيف حافظتم على كنسيتكم الكاثوليكيّة؟
عودوا أيّها الفرنسيّون إلى أصالتكم، عودوا إلى تاريخكم، فمن ينكر تاريخه لا مستقبل له ومن ينكر هويّته تنكرهُ.
عودوا إلى كنيستكم وإيمانكم ومسيحكم. أنتم حماة الكنيسة الكاثوليكيّة ورافعو رايتها.
عودوا إلى حضن أمّكم عودة الإبن الضال. ما زال نداء البابا القديس يوحنا بولس الثاني يرنّ في أذنيّ : "فرنسا فرنسا ماذا فعلتِ بمسيحيّتك؟" أنظروا إلى نتائج علمانيتكم المزيّفة.
عودوا إلى مسيحيّتكم فهي خير مثال للتعايش مع الآخرين.
لن نطلب منكم إقفال أبوبكم بوجه باقي الأديان، نحن كنيسة هدفها إيصال المسيح الى جميع الناس يهودًا كانوا أم وثنيين، بوذيين أم مسلمين. بالطبع لن نقفل أبوابنا بوجه لاجئ أم مغترب ضاقت عليه سُبل العيش في بلاد العالم الثالث. لكننا ندعوكم لإقفالها بوجه من تسوّل له نفسه مهاجمتكم ومهاجمتنا، قتلكم وقتلنا. لن نطلب منكم التخلّي عن العلمانيّة ومبادئها ولكننا نرجوكم وقف دعم المتطرفين الذين يقتلوننا ويهجرّوننا. كيف يمكن لعلمانيّتكم أن تدعم المتطرفين؟ أيّ علمانيّة هي هذه التي تكيلون بها بمكيالَين؟
لن نطلب بعد اليوم مساعدتكم فأنتم تحتاجونها اليوم منّا. حان الوقت الذي به يردّ الولد المعروف إلى أمّه. كنتم أمنّا الحنونة ونحن اليوم الإبن الوفيّ الذي لا يترك أمّه متى شاخت. أرسلتم الإرهابييّن فإنقلبوا عليكم فسنرسل لكم مبشّرين يهدونكم إلى درب الخلاص. إفهموا أيّها الغربيّون أن المسيح لن يُعارض علمانيّتكم ما دامت هذه الأخيرة لا تنفيه ولا تنكره. إفهموا أنّ الكنيسة لا تناقض مبادئ ثورتكم الشهيرة "الأخوّة والمساواة والحريّة" ولكن لا أخوّة إلاّ بيسوع المسيح ولا مساواة بدونه ولا حريّة خارج عنه. عودوا إلى رشدكم أيّها الغربيّون وإفتحوا أبوابكم وقلوبكم للمسيح لينير ظلمتكم.