الجريمة النكراء التي ارتكبت أمس بحق مواطنين مظلومين في أرض لبنانية، في جبل محسن، في طرابلس العلم والعلماء، هي جريمة مدانة بكل ما تحمله الكلمة من معنى.
مدانة وأصحابها الذين اقترفوها وخططوا لها وحرضوا عليها. مدانة بكل المقاييس الأخلاقية والدينية والإنسانية. مدانة لأنها تجافي الحق وتخالف الشرع وتنكر الحياة.
مدانة لأنها تنكأ الجراح وتشعل الأحقاد وتستثير الفتن. مدانة لأنها تمسّ الأمن والاستقرار في كل بيت وحي وناحية.
مدانة لأنها تستهدف روح المصالحة التي تتقدم في طرابلس والشمال وتغمرنا في لبنان بالسلام الداخلي الأغلى من كل الاعتبارات، السلام الذي يحنّ إليه الأطفال والأمهات، السلام الذي يتوق إليه طلاب العلم والساعون إلى الرزق الحلال والقائلون صباح الخير والسلام عليكم يا عباد الله.
صوت الحق يسألكم، أيها الجناة من أعطاكم الحق في إزهاق الأرواح وتحويل ربات البيوت إلى أرامل والأولاد الأبرياء إلى أيتام؟ من أعطاكم الحق لتحويل طرابلس مدينة اللقاء والصفاء إلى غابة معتمة يستبد بها الجهل والشقاء؟ معروفة أحداث الماضي ومآسيها، ومشروعة أوجاع الماضي ومغازيها، فقد عانت طرابلس كثيراً وطويلاً وأصيبت بجروح بليغة، ونالها ظلم لا يحتمل وتهميش لا يغتفر، ولكن طرابلس لم تكن يوماً مجموعة أو تجمعاً بل كانت ولا تزال مرجعاً راسخاً وأماً فاضلة تتحمل وتحاسب. تحاسب بالشرع وليس بمخالفته، بالقانون وليس باستباحته فهي الأساس ومتى اختل الميزان فيها اضطرب الوضع في البلاد كلها. واليوم اختل الميزان فيها أو يكاد بعد إزهاق الأرواح وطعن الآمال وتهديد السلام. إن العبء ثقيل والمسؤولية جسيمة ولبنان كله بتصرف طرابلس التي تنهض اليوم بقلبها الكبير وعقلها المستنير لرأب الصدع وبلسمة الجراح وتعزية المصابين، وكل لبناني مصاب، والصلاة على أرواح الشهداء، وكل مظلوم شهيد…
طرابلس التي تنهض اليوم تعرف أن المجتمعات لا تبنى على الثأر وإنما على المحاكمات العادلة…
طرابلس التي تنهض اليوم لإحياء الأمل والظفر على الردة والتفوق على الألم والتطلع إلى المستقبل والانحياز إلى الأطفال وحقهم بحياة أفضل من تلك التي اختبرنا وعانينا.
طرابلس لك السلام ومنك الأمل…