بالرغم من الخطوات الخجولة التي خطتها الخطة الامنية المعدة لسجن رومية، شككت مصادر دبلوماسية مواكبة لاحداث لبنان والمنطقة باستكمالها على الشكل المطلوب في ظل اعتقاد سائد بان الموافقة الاقليمية على التنفيذ تقتصر على ضرورة تبريد الساحة وليس السير قدمًا بالحلول النهائية أو حتى مقاربتها، فالثابت حتى الآن هو أنّ الأزمة الاقليمية باتت مرتبطة ومتصلة بعضها ببعض، كما أنّ المفاوضات الدائرة على اكثر من محور بين واشنطن وطهران من جهة وطهران والمملكة العربية السعودية من جهةٍ ثانية تضع الملفات في سلةٍ واحدةٍ على قاعدة الحلول المرحلية المتدرّجة والشاملة وليس هناك من استعدادٍ لدى أيّ من هذه الدول لفصل مسارات على حساب أخرى.
ويبدو أنّ مبدأ الحلول الوسط المحدودة الفاعلية تسري على سائر الملفات بما فيها الحوار بين "تيار المستقبل" و"حزب الله"، خصوصًا أنّ الخلاف بينهما هو خارجي المنشأ ناجم عن تداعيات الوضع العربي ومتفرعاته، وبالتالي فإنّ نتائجه لن تكون أبعد من ارتدادات صدى الحوارات الاقليمية والدولية بدليل أنّ الخلافات المبدئية بينهما تقوم على أسباب إقليمية على غرار سلاح المقاومة ومشاركة "حزب الله" في الحرب إلى جانب النظام السوري وضرورة انسحابه من سوريا والهيمنة السياسية الناتجة عن هذا السلاح بعد أن تحول إلى حالة اقليمية بامتياز خارج بنود الحوار، وبالتالي فإنّ أبعد ما يمكن التوصل إليه هو تحصين الساحة الداخلية بوجه ما هو منتظر من الخارج أكان على مستوى تمدّد تنظيم "داعش" أو اتساع سيطرة "جبهة النصرة" بما يحملانهما من أخطار تتجاوز الداخل القريب لتصل الى حدود العاصمة وداخلها، بحيث تصبح الهواجس من عودة الامارة الاسلامية الى رومية وطرابلس مشروعة في ظل غياب المحاسبة أو بالاحرى تغييب المحاسبة واحلال الامن بالتراضي.
ولعلّ ما يبرر خشية المصدر هو بعض التقارير الواردة إليه من بلاده، بحيث يؤكد مضمونها أنّ المنطقة الممتدة من لبنان الى تركيا مرورا بسوريا معرضة لاعمال ارهابية من قبل الخلايا النائمة. بيد أنّ الاجهزة المعنية رصدت في الايام والاسابيع القليلة الماضية جملة اتصالات عبر الشبكات العنكبوتية ترجح أن تكون قيادات "النصرة" و"داعش" قد أعطت الاوامر لتنفيذ كل ما هو بمتناول اليد لافشال أيّ مشروع لضرب التنظيمين من الداخل أو الخارج في ظل أجواء مؤاتية تعود بأسبابها إلى اتفاقات ضمنية بين الدول الغربية والدول الداعمة للتنظيمين أدّت إلى خفض أسعار النفط العالمية للتأثير على الموازنة الحربية لـ"داعش" والدائرين في فلكها، اضافة الى حشر الدول الخليجية واقحامها في دوامة مراوحة قد لا تخرج منها الا باضرار معنوية وسياسية فادحة.
من جهة ثانية، توقف المصدر عينه عند مشروع الخطة الامنية للبقاع الشمالي، متسائلا ما اذا كانت ستشمل عرسال وجرودها فضلا عن مخيمات النازحين المتحولة تدريجيا إلى بؤر ارهاب أو انها ستقتصر على سائر القرى، مع ترجيح الفرضية الثانية مع ما يعنيه ذلك من ملاحقة الخارجين عن القانون دون مقاربة الخلايا التكفيرية المتمركزة في البقاع الشمالي انطلاقا من عرسال وجرودها وصولا الى البقاعين الاوسط والغربي، ما قد يؤسس إلى جولة جديدة من عمليات اعادة الحساب أكان بالنسبة لـ"حزب الله" أو لـ"تيار المستقبل" أو حتى لسائر القوى السياسية المتأثرة بالخارج والدائرة في فلكه بحيث تصبح التساؤلات مشروعة حول مدى الجدية في التعاطي مع المرحلة المقبلة التي يتوقع لها المصدر ان تكون اشد وطأة على لبنان واكثر حساسية على وضعه بشكل عام.