م تسلط الرسائل الاقليمية، وحتى المحلية، التي أطلقها الامين العام لـ "حزب الله" السيد حسن نصرالله اخيراً الضوء سوى على ايران وسياستها في المنطقة وفق مصادر ديبلوماسية متابعة.
فعلى رغم اعتبار دول عدة ان الحل السياسي في العراق وضع على السكة الصحيحة بعد تكليف حيدر العبادي رئاسة الحكومة وبدء مسيرة الاصلاح السياسي جنبا الى جنب مع قيام التحالف الدولي بحملات جوية لصد تنظيم الدولة الاسلامية واستعادة الاراضي التي سيطر عليها، فان هذه المصادر تكشف وجود عثرات كبيرة تعترض نجاح المسارين اي المسار السياسي واحتمال نجاح التحالف في انهاء داعش في العراق قريباً. وهي ترى تبعاً لذلك ان تعثر المسار العراقي يستتبع حكماً عدم امكان نجاح اي خطوة او محاولة في ما يتصل بالازمة السورية لترابط الازمتين معاً من جهة ورغبة عواصم عدة في رؤية الحل السياسي في العراق ينسحب على الوضع السوري بنسبة كبيرة. وبحسب ما تكشف هذه المصادر فان جزءاً مهماً من المسار العراقي السياسي والامني ينتظر انتهاء المفاوضات على الملف النووي الايراني بين الدول الخمس الكبرى زائد المانيا وايران بحيث يفتح ذلك المجال من جهة أمام تعاون صريح وواضح بين ايران والدول الغربية في ملفات عدة كما يسمح بانتقال ايران الى مقلب الدول المتحالفة من اجل مواجهة تنظيم الدولة الاسلامية. وحتى ذلك الوقت فان طهران لا تلعب دوراً مساعداً على الصعيد السياسي يسمح لرئيس الحكومة العراقية باستيعاب كل المكونات العراقية وفي شكل اساسي السنة العراقيين بما يمكن ان يساهم في مساهمتهم في احتواء التطرف الذي ساد بعض المناطق العراقية وتاليا القضاء على تنظيم الدولة الاسلامية. ويعتقد على هذا الصعيد ان ايران لا تساهم على نحو ايجابي مع التنظيمات والميليشيات الشيعية التي تتأثر بها من اجل المساعدة في المسار السياسي. ولا ينفي هؤلاء المراقبون ان الأنظار تنشد الى ايران من جانب الدول الغربية في شكل خاص ليس تبعاً للمحادثات الجارية بين الدول الخمس الكبرى زائد ألمانيا حول ايجاد اتفاق نهائي للملف النووي الايراني بحلول حزيران المقبل فحسب بل الى فتح صفحة تعاون مع طهران تتناول العراق في الدرجة الاولى حيث تتعذر فرص الحكومة الجديدة في استيعاب سياسي للوضع العراقي ومكوناته من دون تعاون إيراني يبدو ان طهران ترهنه بنتائج محادثاتها في الملف النووي، وتتعثر لذلك فرصة استعادة المناطق التي سيطر عليها تنظيم الدولة الاسلامية وتمكين الدولة والجيش العراقي من النهوض على النحو المطلوب. وما دام الحل السياسي في العراق من دون تعاون طهران غير محتمل فان سبل تحقيق انتصارات للتحالف الدولي ضد داعش تبقى قاصرة او ناقصة نظراً الى ان انهاء التنظيم في العراق يجب ان يقابله سعي لانهائه في سوريا في الوقت نفسه . الامر الذي يحتاج ايضاً الى تعاون من طهران المقررة في دمشق ايضا بنسبة كبيرة والتي تتمتع بدور اقليمي مؤثر بات يقر به العالم الغربي اكثر فاكثر.
وبحسب هذه المصادر، ومع ان المسؤولين الاميركيين كرروا مراراً ان اي امر اقليمي لا يبحث مع طهران على هامش الملف النووي، وهو ما تم تأكيده ايضا للمسؤولين اللبنانيين، فان ثمة حوارات تحصل مع طهران من دول ثالثة اوروبية في الغالب لا تغيب عنها ملفات المنطقة ومن بينها مثلاً المحاولات التي يجريها الديبلوماسي الفرنسي جان فرنسوا جيرو مع طهران من اجل ازالة العراقيل من امام انتخاب رئيس جديد للجمهورية. وهي اتصالات لا تغيب عن اطلاع الاميركيين الذين يوضعون في الاجواء وربما يدفعون في بعض الاتجاهات من دون ان يكونوا في الواجهة لاعتبارات متعددة. الا ان الاهم في هذا السياق ما تقول المصادر انها حوارات تتناول سوريا ايضا بعيداً من المواقف المعلنة التي تظهر تصلبا وعدم قابلية للتنازل او للمساومة حول ما هو معلن وما يعطي للنظام افضلية على معارضيه. فالامور ليست ابيض او اسود على نحو كلي وان هناك هوامش للتلاقي لكن حين تنضج الظروف لذلك وهي ليست كذلك راهناً، وذلك علما ان الاتصالات في شأن سوريا لا تحصل مع طهران فحسب بل مع روسيا ايضا التي تقف على طرفي نقيض مع الدول الاوروبية في شأن اوكرانيا لكن سعت الى ان يحظى جهدها من اجل عقد مؤتمر موسكو في 26 الجاري بين النظام والمعارضة السوريين بتأييد الدول الغربية. لكن أحداً ليس مستعداً للجزم بنهائية اي طرح او بمدى القابلية للتنازل او المساومة في هذه المرحلة وقبل ان تضع المفاوضات على النووي أوزارها. لكن الامور عند هذا الحد اكان عرقلة للحلول في لبنان والعراق او عدم المساعدة في شأنها باتت تدفع في رأي هذه المصادر بالاقرار السياسي ضمناً وعلناً ان ايران غدت لاعباً ضرورياً يتعذر الالتفاف على دورها اياً كان التصعيد الذي تقوم به مباشرة او عبر امتداداتها في المنطقة في اتجاهات مختلفة اكان في اتجاه اسرائيل من جهة او في اتجاه الدول الخليجية من جهة اخرى كالبحرين مثلاً خصوصا انها باتت تتموضع وفق نظر عواصم غربية عدة في موقع مناقض لتنظيم الدولة الاسلامية واحيانا في موقع تحاول ان تتلاقى فيه مع الولايات المتحدة كادانتها مثلاً اعتقال نشطاء في البحرين.