ينقل زوار لبنانيون للمسؤولين لدى النظام السوري انه رفض اخيرا وخلال زيارة مساعد المبعوث الدولي الى سوريا رمزي عز الدين رمزي دمشق المسودة التي عرضها ستيفان دو ميستورا لخطته القاضية بتجميد القتال في حلب اولا بذريعة ان ما تضمنته المسودة تتناقض مع ما عرضه امامه المبعوث الدولي في حين لا يخفي هؤلاء الزوار طموح الرئيس السوري في احراز تقدم في المنطقة المحيطة بحلب من اجل ان يفرض وجهة نظره للحل في المدينة والذي يراه نسخة مطابقة لما حصل في حمص تحت مبررات وذرائع كثيرة. كما ينقل هؤلاء عن المسؤولين السوريين انزعاجهم من لقاءات يعقدها مساعد دو ميستورا في مروره بالعاصمة اللبنانية منتقلا عبرها الى دمشق او مغادرا عبرها الى جنيف او الى اي مدينة اخرى ومثار انزعاجهم ان اللقاءات التي يعقدها عز الدين رمزي مع قيادات 14 آذار غير مفيدة وهي تعبر عن آراء او مواقف زعماء معادين للنظام ويؤثرون سلبا على الرؤية الدولية من اجل الحل، على رغم ان رمزي يلتقي في اثناء مروره عبر بيروت مسؤولين من قوى 8 و14 آذار على حد سواء الى جانب مسؤولين رسميين بعيدا من الاضواء ومن دون اعلان ويضعهم في اجواء التطورات ان من حيث ما يجري في العاصمة السورية او ما ينقله للنظام ايضا في الوساطة التي يحاول ان يقودها دو ميستورا. الا ان النظام يسعى الى الدفع بالامور على اساس تمتعه بالسلطة الكاملة كما في السابق فيمتلك ترف الاعتراض على ان يكون الزعماء والسياسيون في بيروت من خصومه احد مراجع البحث في سبل الازمة السورية على رغم استضافة لبنان بجميع اطيافه واحزابه جزءا كبيرا من النازحين السوريين ومواجهة لبنان انعكاسات هائلة للازمة السورية كما لتدخل حلفائه كـ"حزب الله" الى جانبه في الحرب.
وتبعا لمصادر معنية فان النظام يتصرف من موقع ايحائه بانه في موقع قوة يسمح له بالتصرف في مبادرة دو ميستورا على النحو الذي يناسب مصلحته كسبا للوقت من جهة من خلال اعلانه الموافقة عليها ثم من خلال رفضها على اساس انها لا تتناسب مع ما اتفقا عليه ثم من خلال السعي الى الاعلاء من شأن المبادرة التي اطلقتها موسكو من جهة اخرى والتي تصب في مصلحته كليا. وتقول هذه المصادر ان النظام يسعى الى الدفع قدما بالصمت الاميركي او الغربي عموما عن بقائه مرحليا في اتجاه تطوير هذه الفكرة ومحاولة تثبيتها انطلاقا من ان العالم الغربي وتحديدا الاميركي الذي يقيم النظام له الاعتبار الاساس وحده دون سائر الاوروبيين او الدول العربية او تركيا سلم باستمرار وجوده حتى اشعار اخر. وهو ما يهمه في الدرجة الاولى وقد تكون المبادرة الروسية احدى الخطوات المهمة على هذه الطريق من خلال محاولة الروس استدراج المعارضة التي ستشارك النظام ما يسمى حوارا في موسكو الى احتمال التسليم بشرعية بقاء النظام والعمل من ضمن هذا الاطار وليس من خارجه وخروج موسكو بورقة تستخدمها لاحقا مع الاميركيين من اجل تثبيت النظام في ظل التركيز على الحرب على الارهاب. الا ان المشكلة وفق هذه المصادر تبقى وفق مصادر اقليمية ان الازمة السورية ليست بهذه البساطة لجهة ان محاربة تنظيم الدولة الاسلامية وما يمثله من ارهاب يفترض اعادة استيعاب النظام السوري على رغم نصائح سياسيين ودراسات تصب في هذا الاطار انطلاقا من ان اطاحة الاسد لن تساعد في منع الفوضى وانتشارها بل على العكس وفق ما يروج الروس في الدرجة الاولى. تقول هذه المصادر ان بقاء الاسد في المقابل لن يمنع انتشار الفوضى وتنامي الاصولية انطلاقا من انه تسبب في الاصل في انطلاق الظاهرة الاصولية ومن هنا استحالة قدرته على توحيد سوريا مجددا فضلا عن مسؤوليته عن اكثر من 200 الف قتيل سوري مع مشارفة الازمة السورية على اكمال سنتها الرابعة في آذار المقبل. وبحسب هذه المصادر فان لا مبادرة دو ميستورا وجدت صدى ايجابيا لها في الدول الاقليمية المعارضة لبقاء النظام ولا ايضا المبادرة الروسية. وفي نهاية الامر فان اشادة واشنطن بكل منهما لا يجعل من العاصمة الاميركية قادرة على فرض ما تريده على الدول الاقليمية المجاورة لا سيما تركيا والدول الخليجية انطلاقا من الحدود الطويلة جدا لتركيا مع سوريا والتي يقيم المسؤولون الاتراك نظرتهم الى سوريا ومستقبلها بناء على اعتبارهم ان اللعبة السياسية المتصلة بسوريا ومستقبل الاسد فيها هي لعبة محصلتها صفر (Zero sum game). ومن الصعب الاعتقاد ان تستطيع واشنطن او روسيا فرض رؤيتها للحل من دون موافقة هذه الدول واخذ مصالحها في الاعتبار.
ولا تنفي هذه المصادر وعي الجميع ان الاولوية راهنا هي لمحاربة الدولة الاسلامية من دون الالتفات الى مطلب رحيل الاسد. فهناك تسليم باستمراره في موقعه في هذه المرحلة، الا ان الدول الاوروبية في غالبيتها توازي بين الشر الذي يشكله داعش والشر الذي يشكله الاسد في رأيها بحيث لا تجوز المفاضلة بينهما على قاعدة الاختيار او تخيير السوريين بينهما ليس الا وان الاسد وفق ما تنقل هذه المصادر لا يمكن ان يكون جزءا مستداما من الحل. وحتى الآن لا مساومة على ذلك بل ترك هذا الجانب على الرف حتى اشعار آخر ليس الا وفق ما تجزم هذه المصادر.