خلال دقائق معدودة، عادت الأجواء الداخلية إلى شهر تموز من العام 2006، حين نفذ "حزب الله" عملية الأسر لجنود إسرائيليين، فكانت المواقف شبه متطابقة، بالنسبة إلى قوى الرابع عشر من آذار، إلا أنها كانت هذه المرة تصعيدية أكثر، فمن وجهة نظرها لبنان لم يعد يحتمل المزيد من الحروب، في ظل الأجواء الصعبة التي تمر بها المنطقة، بالرغم من أن بعض رموزها كانوا يحرّضون الحزب للرد على إستهداف عناصره في القنيطرة السورية، لا بل ذهب بعضهم إلى حد تحدي قيادته بهذا الموضوع.
قبل الرد لم يكن كما بعده، فهنا عادت عبارات "المغامرة" و"الورطة" و"القرار الإيراني" إلى الواجهة، مع العلم أن اللبنانيين كانوا ينتظرون أي موقف، من قيادة "حزب الله"، يوضح لهم ما يحصل، وكان من المتوقع أن يكون ذلك، خلال الكلمة التي سيلقيها أمينه العام السيد حسن نصرالله في الأيام القليلة المقبلة، إلا أن مصادر وزارية مطلعة أبلغت "النشرة" أن الإتصالات الأولية تشير إلى أن ليس هناك نوايا تصعيدية خلال جلسة مجلس الوزراء غداً، ومن المتوقع أن يتم التأكيد على إلتزام لبنان بالقرار الدولي رقم 1701.
من وجهة نظر هذه المصادر، الموقف الذي أبلغه ممثلو الحزب على طاولة مجلس الوزراء مخالف لما حصل، حيث كان الحديث عن أن أي رد سيأخذ مصلحة لبنان أولاً، وتشير إلى أن هذا الموقف كان وطنياً رصيناً، بإجماع مختلف المشاركين، لكن "الفعل" لم يكن يعكس ذلك، لأن الرد كان يجب أن يكون من خارج الأراضي اللبنانية، وتشير إلى أن المكان المناسب كان جبهة الجولان السورية، وتسأل: "لماذا يراد لنا أن نكون دائماً الحلقة الأضعف في الصراع؟"
في سياق حديثها، توضح المصادر الوزارية أنها تدرك جيداً أن ممثلي "حزب الله" في الحكومة غير مخولين إعطاء أي ضمانات، و"نحن لم نطلب منهم أيضاً"، حيث تشير إلى أن الجميع يعلم آلية أخذ هكذا قرار من قبل الحزب، واعتبرت أن إيران كانت المقرر الأساس، وتعود سريعاً إلى كلام السيد نصرالله، بعد عدوان 2006، وتسأل: "حينها قال لنا لو كنت أعلم فماذا سيقول اليوم؟"
على صعيد متصل، لا تعتبر مصادر نيابية في قوى الرابع عشر من آذار أن البيان الوزاري يغطي هذه العملية، حتى لو حصلت داخل أراضٍ لبنانية محتلة من قبل إسرائيل، وتلفت إلى أن هذا البيان عبارة عن "تسوية" حصلت بين الأفرقاء المشاركين في الحكومة لا مبادىء مرجعية يمكن العودة إليها، بالرغم من الفقرة التي تؤكد على "حق المواطنين اللبنانيين في المقاومة للاحتلال الإسرائيلي ورد اعتداءاته واسترجاع الأراضي المحتلة".
وتشير هذه المصادر، لـ"النشرة"، إلى أنّ فعل المقاومة مشروع عندما يكون هناك إعتداء على الأراضي اللبنانية، لا عندما يكون هناك إستهداف لعناصر من الحزب في سوريا، خصوصاً أنّ الحزب كان قد ورّط لبنان أصلاً من خلال تدخله في الأحداث الإقليمية، ولا يزال لبنان يدفع ثمن ذلك عبر التفجيرات والإعتداءات التي تقوم بها الجماعات الإرهابية، وتضيف: "نأمل ألاّ يكون هناك ردٌ إسرائيليٌ يؤكد توريط لبنان من خلال ما حصل".
في الجهة المقابلة، كانت قوى الثامن من آذار تعرب عن فخرها بالرد على الإعتداء، منذ اللحظة الأولى، ورأت فيه حقاً مشروعاً في سياق الحرب المفتوحة، لا سيما أن الإسرائيلي هو من بادر هذه المرة، ما يعكس بشكل فعلي الإنقسام المعروف من العام 2006، فهل سيكون لذلك تداعيات على الساحة المحلية، التي هدأت نسبياً نتيجة الحوارات المفتوحة بين أكثر من جهة، خصوصاً إذا ما قرار الجانب الإسرائيلي التصعيد لرد الإعتبار؟
حول هذا الموضوع، تتوقع مصادر مطلعة، لـ"النشرة"، أن لا يتأثر الحوار بين الحزب وتيار "المستقبل" بما جرى، لكن هذا لا يعني الموافقة على ما حصل في مزارع شبعا، وتلفت إلى أن قرار الحرب والسلم هو أصلاً من المواضيع الخلافية التي هي خارج جدول أعمال الحوار القائم.