بعد الشرح المستفيض لحقيقة ما حصل خلال الإسبوعين الماضيين، نجح أمين عام "حزب الله" السيد حسن نصرالله في فرض معادلات جديدة مع الإسرائيلي، من العيار الثقيل، خلال خطابه الأخير في المهرجان التكريمي الذي أقيم لشهداء القنيطرة، ستكون مقدمة لما سيحصل في المستقبل القريب والبعيد، من لبنان إلى سوريا إلى فلسطين، وبالتالي ينبغي التوقف عندها مطولاً، خصوصاً بعد تشتديه على أن المقاومة تثبت ما تتحدث عنه بالأفعال على أرض الواقع.
وفي هذا السياق، تؤكد مصادر مطلعة، لـ"النشرة"، أن أمين عام "حزب الله" فرض، من خلال المواقف التي أعلن عنها، معادلة جديدة في الصراع مع الإسرائيلي، تتمثل في عدم الإلتزام بـ"تفكيك" الساحات والميادين، حيث شدد على أن المقاومة تعتبر أن من حقها الرد على أي عدوان في أي زمان ومكان، وبالتالي هو ثبت نظرية الجبهة الواحدة الممتدة من جنوب لبنان إلى قطاع غزة وصولاً إلى الجولان السوري المحتل، وبات على الإسرائيلي أن يتوقعه، في أي عدوان مستقبلي، أن تفتح عليه النار من أي منطقة تكون فيها المقاومة قادرة على الرد بشكل جدي وفاعل.
إلى جانب ذلك، تدعو هذه المصادر إلى التنبه جيداً إلى كلام السيد نصرالله عن جبهة "النصرة"، الجناح السوري لتنظيم "القاعدة"، على الرغم من أن ما قاله هو معروف ومدرك من الجميع منذ أشهر طويلة، بالنسبة إلى التعاون والتنسيق بينها وبين الجيش الإسرائيلي، باعتراف الأمم المتحدة وإسرائيل نفسها، التي سربت هذا الأمر أكثر من مرة في وسائل إعلامها، إلا أنها تشير إلى أن الجديد يتمثل في سعي أمين عام "حزب الله" إلى توجيه إنتباه الشعبين السوري واللبناني إلى هذه النقطة بالتحديد، ما يؤشر إلى أن الحزب سيسعى في المستقبل القريب إلى إنهاء الحالة الشاذة التي باتت تمثل تكراراً لتجربة جيش لبنان الجنوبي أيام الإحتلال قبل التحرير في العام 2000.
من هذا المنطلق، تتوقع هذه المصادر، لا سيما أن إستهداف قياديي الحزب كان في منطقة القنيطرة، أن تكون هذه الساحة جبهة مشتعلة في الأشهر القليلة المقبلة، حيث سيسعى الحزب، الذي لم يتوان سابقاً عن إستهداف عناصر جيش لحد بشكل قوي، إلى إستهداف عناصر الجبهة التكفيرية بشكل لافت، بهدف أن لا تكون عائقاً أمام المواجهة عبر جبهة الجولان في أي حرب مقبلة، لا سيما بعد أن إستخدمها الإسرائيلي من أجل تحسين وضعه عبر إستهدافها مراكز ومواقع إستراتجية تابعة للجيش السوري، لم يكن لها أي تأثير في الحرب السورية، بل هي منذ سنوات طويلة هدفها محدد بالرد على أي مواجهة مع الإسرائيلي.
وتشير هذه المصادر إلى أن أحداً لا يستطيع أن يعترض على قيام الحزب، بالتعاون مع الجيش السوري في هذه المواجهة، لا سيما أن "النصرة" مصنفة من قبل العديد من الدول والأمم المتحدة بالإرهابية، وهناك تحالف دولي يدعي محاربة الإرهاب في المنطقة، لا بل أن إسرائيل ستكون محرجة في حال قررت الدفاع عن عملائها التكفيريين، إلا أن هذه المصادر تذكر بأن التجارب تثبت أن الإسرائيلي عندما يدرك أن المواجهة ليست في صالحه يتخلى مباشرة عن من قدم له الدعم، وتلفت إلى أن تجربة عملاء لحد لا تزال حاضرة في الأذهان، وتذكر بما حصل مع قائد "جيش لبنان الجنوبي" أنطوان لحد بعد العام 2000، عندما وقف مذلولاً ينتظر أن تؤمن له الحماية.
بعيداً عن جبهة "الجولان"، تشير المصادر المطلعة إلى معادلة بارزة فرضها السيد نصرالله من خلال مواقفه الأخيرة، تتمثل بفرض الردع الأمني على إسرائيل، إلى جانب الرع العسكري الذي فرض بعد التحرير، حيث أكد أن المقاومة ستتهم إسرائيل عند إغتيال أي كادر أو شاب من الحزب في المستقبل، وسترد في الزمان والمكان المناسبيين، في حين هي كانت تتريث في السابق.
وتوضح هذه المصادر أن هذه المعادلة الأمنية الجديدة، ستكون موضع متابعة ودراسة، من قبل القيادات الأمنية والسياسية والعسكرية الإسرائيلية في الأيام المقبلة، وهي ستكون حاضرة في الأذهان عند أي تخطيط للقيام بأي عملية إغتيال، وسيعمد الإسرائيلي قبل أي شيء إلى التفكير برد الحزب، خصوصاً أن التجارب تثبت أن ما يقوله السيد نصرالله يؤخذ على محمل الجد في الجانب الإسرائيلي.
في المحصلة، المعادلات، التي كانت قائمة قبل إعتداء القنيطرة وعملية مزارع شبعا، أصبحت من الماضي، وما كان يتوقع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتايناهو كسبه خسره، ومن الممكن القول أن المقاومة باتت مقرراً أساسياً في الإنتخابات الإسرائيلية المقبلة.