وكأنه لم يعد يكفي اللبنانيين ما يواجهونه يومياً من مصاعب الحياة في لبنان، ليضاف الى همومهم همٌّ جديدٌ وهو كيفية حماية أولادهم من "الخطر الأبيض القاتل" الذي يفتك بهم رويداً رويداً فيذوبون أمام أعين أهلهم كالشموع. فاليوم، في مدارس لا تخطر على بال أحد تتفشّى آفة المخدرات، وبحسب مصدر مطلع فإن "بعض التلامذة كما الأساتذة يتعاطون هذه المادة المميتة وقد دفعت غلطة صغيرة في مدارس أخرى، ببعض طلاب إحدى الصفوف الثانوية للتحول الى متعاطين"، ويبقى السؤال: هل أصبح التلامذة صيداً ثميناً لكبار تجار المخدرات؟!
رسائل Whatsapp
حتى الأمس القريب كان أهالي الطلاب في المدارس يشعرون أنهم بمأمن من هذه الآفة ويصلّون ليل نهار ليبعدها الله عن أولادهم، إلا أن الذعر دبّ فيهم مع إنتشار رسائل عبر whatsapp وصلت الى هواتف عدد كبير من الأشخاص تؤكد دخول حلويات بنكهة الفراولة (الفريز) الى المدارس وتحتوي حبوباً مخدرة. هذا الخبر إستدعى إستنفار الأجهزة الأمنية والجمعيات الأهلية وحتى إدارات المدارس بحثاً عن أي شيء من هذا القبيل، إلا أن التحقيقات وبحسب رئيس شعبة مكافحة المخدرات في قوى الأمن الداخلي العميد غسان شمس الدين جزمت أن "لا شيء مما أشيع صحيح".
الجامعات "فلتت" من أيدينا!
هذه الحادثة فتحت الباب على مسألة تغلغل المخدرات في المجتمع وتحديداً في المدارس التي بتنا نرى فيها حالات منظمة بعكس السنوات الماضية بحسب ما يؤكد رئيس جمعية "جاد" جوزيف حواط لـ"النشرة"، معتبراً أنه "ورغم ذلك فإن المشكلة هنا لا تزال مضبوطة نوعاً ما بعكس الجامعات، التي "فلتت من أيدينا" على حدّ قوله.
هنا يشير أمين عام المدارس الكاثوليكية بطرس عازار الى أن "موضوع المخدرات دقيق ويطال شريحة كبيرة من المجتمع"، معترفاً بأن "المشكلة موجودة ولكن يجب أن نرى ما في خارج المدرسة أيضاً"، ومشدداً على أن "للأهل دورا كبيرا يلعبونه في هذا المجال".
التلامذة يروّجون!
مسألة إشاعة خبر إنتشار أنواع جديدة من المخدرات أثارت فضول الناس حول كيفية استعمالها في المدارس وطرق ادخالها اليها. وفي هذا المجال يشير حواط الى أن "التجار غالباً ما يشكلون فرق عمل لهم في الأماكن التي يسعون الى ترويج المخدرات فيها، وهذا ما يحدث في المدارس"، لافتاً إلى أنّ "إبن الأربعة عشر ربيعاً يشكّل مادة دسمة للتاجر، فمن خلاله يستطيع إدخال المخدرات الى المدرسة دون أن يطال القانون الفتى"، مشددا على انه "عندما يكون الأخير هو المروّج يصبح من الصعب الشكّ فيه".
ويؤكد العميد شمس الدين أن "أغلبية الأولاد يغرّر بهم عن طريق رفاقهم، فيأتي أحد الطلاب ويقنع البعض بأخذ هذه الحبة التي تساعده على الإستيعاب بشكل أكبر وأسرع وتفتّح له ذهنه". ويشدد على أن "أغلب الأنواع التي تروّج في المدارس هي من نوع الحبوب كـ"الكابتاغون"، "Extasy، "Lsd... وهنا يؤكد حواط ما ذكره شمس الدين، معتبرًا أنّ "من الصعب على التلاميذ ترويج أو تعاطي الأنواع الأقوى من المخدرات كالهيرويين والكوكايين مخافة أن يفتضح أمرهم".
لتحذير الأولاد
رغم إنتشار هذه الآفة بشكل كبير في المجتمع وخصوصًا في الجامعات، إلا انها لا تزال محصورة نوعاً ما داخل المدارس حتى اليوم. ويشدّد شمس الدين على "ضرورة أن يحذّر الأهل أولادهم من ضرورة عدم أخذ شيء من أي أحد وحتى لو كان صديقاً"، مشيراً إلى أنّ "طرق الإغراء باتت كثيرة، ويجب تربية الأولاد على رفض هذا الأمر لأنه في حال واجه هذا الخطر ولم يكن متحضراً له سيذهب بالحياء وبهذا الشكل يبدأ بالتعاطي كمجرّب وينتقل فيما بعد الى مدمن".
"كيك" حشيشة!
يروي شمس الدين أنه "وفي إحدى المرّات تم ضبط مجموعة تروّج المخدرات في أحد الملاهي"، شارحاً أن "الطريقة كانت تقديم "غاتو" محشو بالحشيشة، وهنا يأكل الشخص منه دون أن يدري ما هو ومرة تلو الأخرى يتعلّق به".
أما الأب عازار فيشدد على "أننا نقوم بحملات توعية من هذه الآفة في مدارسنا، عبر تقديم المحاضرات بشكل دوريّ للطلاب"، لافتاً الى أننا "وفي بعض الأوقات نكتشف أن التلاميذ يعرفون الكثير عن هذا الموضوع"، معتبراً أن "الدولة لا تستطيع أن تضبط بشكل كامل مسألة إنتشار آفة المخدرات بشكل كامل في المدارس من هنا يجب أن يكون هناك مشروع متكامل يجمع الدولة والمجتمع المدني والعائلات لمواجهة هذه المسألة".
إذا هو مشروع متكامل على الدولة والعائلات والمدارس التعاون من أجل إتمامه لأنه وبهذه الطريقة فقط يمكننا إنقاذ أولادنا من "جرثومة" قد تقضي على المجتمع!
تصوير فوتوغرافي محمد سلمان وبلال سلامة
تصوير تلفزيوني علاء كنعان