اشار رئيس حزب القوات سمير جعجع في رسالة وجهها الى صحيفة "الاهرام" المصرية، الى انه "من بلاد الأرز الى أرض الكنانة نتوجه بهذه الرسالة التي تختزن في طياتها اصدق مشاعر الصداقة لجمهورية مصر العربية، قيادةً وشعباً ورجال فكرٍ وإعلامٍ وصحافة، ونغتنم هذه الفرصة لنؤكد إن مواقف حزب القوات اللبنانية تجاه مجمل القضايا السياسية المبدئية التي تحظى بتضامن الرأي العام العربي تتردد اصداؤها في ساحات النضال وزنزانات الإعتقال ومنابر الإعلام الحر، وهي مواقف تتقاطع وتتكامل مع هذا التضامن، وتصّب في خانة المصلحة العليا لشعوب هذه الدول".
اضاف جعجع في رسالته "صحيحٌ ان حزب القوات اللبنانية هو حزبٌ لبناني يولي القضايا الوطنية اللبنانية اهتمامه الشديد، إلاّ ان القضايا العربية المحقّة لا يمكن إلاّ ان تحتّل حيّزاً مهماً في تفكيره السياسي، وفي مقدمة هذه القضايا، المسألة الفلسطينية. إذ ليس مقبولاً في القرن الواحد والعشرين ان يعيش شعبٌ بأكمله مشتتاً بعيداً عن ارضه ومن دون دولة. إن الحل العادل والشامل للصراع العربي الإسرائيلي، ينطلق من قيام دولةٍ فلسطينية حرّة ومستقلّة، تستقطب فلسطينيي الشتات، وتضع حداً لاستغلال بعض الأطراف الإقليمية آلام الشعب الفلسطيني وتسخيرها خدمة لأهدافٍ لا تمتّ الى هذا الشعب، ولا الى مجمل الشعوب العربية بأي صلة".
وتابع "كما انه لشرفٌ كبير لنا، أن يكون حزبنا، في طليعة الأحزاب اللبنانية، الذي جاهر منذ اللحظات الأولى لإندلاع شرارة الربيع العربي بتأييده الكامل، ودون اي تحفّظ، لثورات الشباب العربي، معلناً دعمه المطلق لمبادئ الحرية والعدالة والمساواة والتعددية السياسية التي قامت هذه الثورات على اساسها. فمن ثورة الأرز في ساحة الحرية، الى ثورة النيل 1 والنيل 2 في ميدان التحرير، الحق يعلو ولا يُعلى عليه. إنها قضية الحق والعدالة والحرية والمساواة والإنسان التي يتشارك الشعبان الصديقان المصري واللبناني، في حمل مشعلها. صحيحٌ ان بعض المظاهر المتطرّفة قد اساءت لجوهر الحراك الشبابي العربي الديموقراطي، لكن الربيع العربي لا بُد له في نهاية المطاف، من ان يُصحح مساره ويُنقّي نفسه بنفسه، ليعود ويلتحق بالسكّة الإنسانية التنويرية الصحيحة".
ولفت رئيس القوات الى انه من مدعاة فخرنا كذلك، أن يكون حزبنا من اوائل الذين دفعوا من لحمهم الحي،استشهاداً وسجناً واضطهاداً وتنكيلاً طيلة عقودٍ ثلاث ، فاتورة هذا المسار، فامتزجت تضحياته مع تضحيات لبنانيين آخرين، حتى ازهرت ربيعاً في لبنان قطف الشعب اللبناني ثماره انسحاباً مباشراً لجيش النظام السوري من لبنان. لقد قدّم حزب القوات اللبنانية الآلاف من خيرة مناضليه، شهداء ومصابين ومعتقلين على دروب التحرير التي سلكها هي ذاتها مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ حسن خالد، والشيخ صبحي الصالح، ورئيس الوزراء اللبناني رفيق الحريري، وقادة وزعماء ومفكرين وعسكريين آخرين.
واوضح إن القضية التي يناضل حزب القوات اللبنانية من اجلها، والتي على اساسها تشرّفنا بإعلان برنامجنا السياسي للترشّح الى رئاسة الجمهورية اللبنانية، هي قضية الحق والحرية والإنسان في لبنان، وفي كل مكان. إنها قضيةٌ تُختصر خطوطها العريضة بما يلي: قيام دولةٍ حرّة سيدة في لبنان تحترم حقوق مواطنيها وحرّياتهم الطبيعية وتعاملهم على قدم المساواة، ونزع السلاح غير الشرعي وحصره بيد القوى الشرعية وحدها، واعادة القرار العسكري والأمني الى الدولة وحدها، وقيام دولة النمو الاقتصادي وتأمين مسلتزمات العدالة الإجتماعية، ومكافحة الهدر والفساد والمحسوبيات في مؤسسات الدولة وإداراتها، دعم المحكمة الخاصة بلبنان، وصولاً الى محاسبة المتورطين بإغتيال رفيق الحريري وشهداء ثورة الأرز الباقين، والتزام قرارات الشرعيتين العربية والدولية، والتضامن مع القضايا العربية المحقّة والإلتزام بحق الشعوب العربية في تقرير مصيرها".
اضاف لقد اثبت الشعبان المصري واللبناني، بتضامن المسلمين والمسيحيين من ابنائهما، عن وعى وحكمة ورشدٍ سياسي، ولقد تجلّى هذا الأمر في لبنان، من خلاف تحالف قوى 14 آذار الذي يُشكل حزب القوات اللبنانية ركناً من اركانه الأساسية، وفي مصر، من خلال وثيقة الأزهر الشريف من جهة، وخطوات القيادة المصرية الحكيمة لتوطيد اُسس التفاهم والتعايش والتآلف بين المصريين، من جهةٍ ثانية. واعتبر إن تحالف قوى الإعتدال المسيحي والإسلامي، المُتمثّل بقوى 14 آذار، يُشكّل ضمانةً للبنان في وجه الإرهاب والتطرّف بأشكاله كافةً، كما يمنع ارتماء الدولة اللبنانية في احضان النظام السوري من جديد.
واشار الى إن مكافحة الإرهاب يفترض ان يوازيه تنفيسٌ للإحتقان الطائفي والمذهبي الذي يعصف بمنطقتنا، وهذا لا يتم إلاّ من خلال تحقيق خطواتٍ سياسية معينة، نذكر منها: تحقيق حلّ سياسي متوازن في العراق وقيام دولة ديمقراطية في ليبيا وعودة الشرعية الى اليمن، والإلتزام بقرارات الشرعيتين العربية والدولية، وقيام دولة فلسطينية مستقلة. صحيح ان مسار الديمقراطية في الشرق الأوسط شاق ومتعرّج بفعل جملة عوامل سياسية واجتماعية وثقافية طبعت هذه المنطقة منذ عقودٍ طويلة، الاّ ان مسيرة الألف ميل تبدأ بالخطوة الأولى.