بات مشهد طوابير السيارات التي تنتظر دورها أمام أمام ​مركز المعاينة الميكانيكية​ في النافعة في منطقة العيرونية شمال لبنان مشهدًا معتادًا بل روتينيًا، لكنه عاد إلى الواجهة خلال الساعات الماضية بعد الإشكالات التي وقعت، والتي فرضت تدخل القوى الامنية وانتشارها في محيط المركز.

وفي التفاصيل، تعود جذور المشكلة إلى من يسمّون أنفسهم "مخلّصو المعاملات" (السماسرة)، حيث ينشط هؤلاء أمام مركز المعاينة ويعمدون على حجز الصفوف الامامية ويعرضون خدماتهم على المواطنين، إذ يخصّصون لمن يدفع مالاً أكثر مكانا في الصفوف الامامية التي سبق للسماسرة وحجزوها بسيارات تابعة لهم، ومن يتجاهل السماسرة عليه أن يركن في طابور طويل من السيارات والانتظار ساعات طويلة بل لأيام حتى يتسنى له أن يعاين سيارته حتى لا يضطر أن يدفع الغرامة في حال تأخر عن الموعد المحدد لسيارته.

هذا الوضع استنكره عدد من أصحاب السيارات، فعمدوا في الايام الاخيرة لمواجهة السماسرة بالاقتراب من الصفوف الامامية، إلا أنّهم فوجئوا بردة فعل السماسرة العنيفة حيث عمدوا على منعهم من الاقتراب بالقوة، ما أدّى إلى تضارب وتلاسن، وفي بعض الاحيان الى استخدام السلاح، وهو ما تسبّب بانتشار عسكري في محيط المركز خلال الساعات الماضية.

أمام أعين القوى الأمنية!

"النشرة" جالت في مركز المعاينة، حيث تحدّثت إلى عدد من المواطنين الذين أعربوا عن انزعاجهم ممّا يجري وطالبوا بوضع حدّ للسماسرة وتنظيم عملية الانتظار، حيث أشار محمد ناجي ابن طرابلس إلى أنه ينتظر دوره منذ ثلاثة أيام، ويتناوب على ذلك مع شقيقه، ولفت إلى أنّ سيارته تتحرك بضعة امتار بعد مضي نهار كامل من الوقوف، مشدّداً على رفض الاقتراب من الصفوف الامامية كما يفعل غيره لانه لا يحب المشاكل ودائما يتجنبها.

وفيما رأى أحد المواطنين أنّ ما يجري أمام مركز المعاينة يشكل اهانة للشعب اللبناني خصوصا ان تصرفات السماسرة تمارَس أمام أعين القوى الامنية، كشف آخر أنّ بعض السماسرة يعرضون على اصحاب السيارات غير الموافقة للمواصفات المطلوبة لنجاحها في فحص الميكانيك دفع مبالغ نقدية مقابل نجاح سياراتهم في المعاينة، ما يعني أنهم يخالفون القوانين.

الحل بافتتاح مراكز إضافية..

أما علي حسن فأوضح لـ"النشرة" أنّ الحل الوحيد هو بافتتاح عدد من مراكز المعاينة في الشمال فيصار حينها الى وضع حد لهؤلاء السماسرة الذين يستغلون المواطنين، واكد انه في حال تم افتتاح مركز في زغرتا وفي الكورة والبترون وعكار وطرابلس ستنتهي هذه المشكلة الى الابد.

اما طوني ابن زغرتا فيقول انه يأتي منذ ايام الى مركز المعاينة فيرى مئات السيارات تقف في الطوابير فيعود ادراجه الى المنزل، ويقول ان دوام عمله لا يسمح له بالانتظار ساعات كغيره، مؤكدا انه لو بقي اسابيع على هذه الحالة يرفض ان يلجأ الى السماسرة، واكد ان على كل مواطن ان يرفض التعامل معهم وانه هذا الحل الوحيد لوضع حد لتسلطهم على المواطنين.

من جهته، قال سامي الحاج من الضنية أنّ انجاز اي معاملة رسمية يتطلب دقائق بينما المواطن اللبناني يعاني الأمرّين حتى ينجز هذه المعاملة، وحمل مسؤولية ما يجري الى الدولة واعتبر انها مقصرة بحق المواطنين ففي الوقت الذي يسارع فيه المواطنون الى دفع الرسوم والضرائب نرى الدولة برمتها مقصرة بحقوق المواطنين.

وتساءل مواطن مل من ساعات الانتظار تحت اشعة الشمس "هل يستطيع بضعة موظفين انجاز ملفات مئات السيارات يوميا؟"، وأكد ان كل سيارة تحتاج الى اكثر من نصف ساعة معاينة ما يعني انه خلال عشر ساعات لا يمكن معاينة أكثر من عشرين سيارة، بينما يصطف في الخارج مئات السيارات.

تقرير ​دموع الأسمر