لم يعد خافيًا على المطّلعين داخل "التيار الوطني الحر" التنافس غير المعلن بين وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل والعميد المغوار شامل روكز، وقد بلغ أشدّه خصوصا مع بروز العميد روكز من خلال استبساله في المعارك العسكرية وترشّحه بقوة الى منصب قيادة الجيش.
المطّلعون يسلّمون بقوة العميد روكز والكل يسلّم بجبروت الوزير باسيل. ومن هذا المنطلق كانت الحاجة في "التيار الوطني الحر" الى بروز شخصية وطنية قريبة من رئيسه الجنرال ميشال عون وتشكّل ندّاً حقيقيّاً للوزير باسيل كي تستقطب كل المعترضين على ما يعتبرونه استئثاراً من قبل باسيل بالقرارات السياسية في "التيار الوطني الحر".
وفي هذا السياق، تؤكّد مصادر مقرّبة من الرابية ارتياح الجنرال "للتنافس الشريف بين الصهرين"، وتلفت إلى أنّ الجنرال عون يؤكّد لسائليه عن هذه المنافسة التي بدأت تكبر وتظهر الى العلن أن ما يحدث يؤكد صوابية قراره بأن باسيل ليس الأقرب الى الرابية بل من الممكن جدا لكل الذين يعملون لمصلحة التيار والظهور بمظهر القادرين على استقطاب المحازبين أن يقتربوا من الرابية أكثر من غيرهم.
ولكن ما الذي جعل من العميد روكز منافسا قويا للوزير باسيل في "التيار الوطني الحر" بشكل عام وفي الرابية بشكل خاص؟ وما هي تداعيات منافسة الرجلين داخل التيار؟
على الرغم من النجاحات الكبيرة التي حققها الوزير جبران باسيل في كل الوزارات التي استلمها وفي اقناع الجنرال ميشال عون في الكثير من آرائه السياسية داخل التيار وعلى الصعيد السياسي، الا أن غياب الشعبوية عن طبع الوزير باسيل أبعد عنه استقطاب أرضية "التيار الوطني الحر"، ناهيك عن عدم تقبل العديد من المقرّبين من الجنرال وجود الوزير باسيل على رأس القرار السياسي في الرابية وباتوا يرون فيه عائقاً أمام تقدّمهم. ومما لا شك فيه أن وجود باسيل لاعبا أساسيا في السياسة اللبنانية وامساكه بالملف بين "حزب الله" و"التيار الوطني الحر" بالاضافة الى تمسّك الجنرال بتوزيره مهما كان الثمن، عوامل زادت نقمة الطاقم السياسي المعارض للتيار من الوزير باسيل ما جعل أي منافس له داخل التيار مرحبا به أكثر من باسيل.
في المقابل للعميد روكز عوامل قوة جعلته رقما صعباً في التيار وعلى صعيد الوطن، أهمها البزّة العسكرية التي من خلالها استطاع الجنرال عون امتلاك قلوب محبّيه والتي لا تزال تحفر في أذهانهم المجد والبطولات. وهذه البزّة بالذات تمنع خصوم "التيار الوطني الحر" من اطلاق حملة تشويه صورة على العميد روكز أقلّه الى حين بلوغه سن التقاعد من الجيش اللبناني. كما أن العميد روكز تبرز فيه سمات القيادة، واذا خيّر الجنرال ميشال عون بين توزير الوزير باسيل أو الاتيان بالعميد روكز قائداً للجيش فلا مجال للمقارنة ومن البديهي أن يأخذ الصهر المغوار بعضاً مما حصل عليه الوزير الملك في "التيار الوطني الحر"، وفي هذا الاجراء سيكون الفريق المعارض للتيار داعما لاقصاء باسيل من الوزارة والنيابة معاً.
أما بعد، فللاصطفافات داخل "التيار الوطني الحر" مع الصهرين وعلى مستوى القيادات السياسية تداعيات قد تكون خطرة عليه. ويرى المقرّبون من الرابية أن المصطّفين كل حسب حساباته الخاصة يراهنون على دور في المستقبل ويعتبرون أن أحد الرجلين سيكسر الآخر. وعلى الرغم من طموحات بعض الأنسباء للجنرال عون، غير أن لا مجال لاختراق الصهرين في صفوف "التيار الوطني الحر" والحب الشعبي للرجلين أو في الرابية حيث مركز القرار.
التنافس اذاً على أشدّه بين الصهرين، والترحيب به قائمٌ في الرابية، غير أن وصول العميد شامل روكز الى قيادة الجيش قد يجعل منه الأقوى، في حين أن عدمه سيبقي على أسبقية الوزير باسيل. في الانتظار لا تزال العلاقة بين الرجلين جيّدة وهما يلتقيان دورياً والتنافس بينهما لا يزال الى يومنا هذا في اطاره "الشريف".