سجّلت آخر الأرقام الصادرة عن الجهات الرسمية في فلسطين تزايد أعداد العاطلين عن العمل في الضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة، وبالتالي ازدياد أوضاع الفلسطينيين سوءًا خصوصاً في قطاع غزة والذي لا تزال إسرائيل تفرض حصارها عليه منذ أكثر من ثماني سنوات.
وتراجعت مؤشرات الاقتصاد الكلي نتيجة تراجع الصادرات والواردات على حد سواء وازداد عدد من يعيشون تحت خط الفقر، إذ أن العدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزّة، طال مختلف مكونات الاقتصاد المحلي وارتفعت خلال عام 2014 نسبة العجز في موازنة السلطة نتيجة تزايد النفقات الحكومية عقب العدوان، إضافة إلى عدم التزام المانحين سد عجز الموازنة الذي بلغ 1.6 مليار.
أوضاع اقتصادية متدهورة
برأي الخبير الاقتصادي ومدير العلاقات العامة والاعلام في الغرفة التجارية الفلسطينية ماهر الطبّاع، فإن الأراضي الفلسطينية تعيش ظروفاً اقتصادية سيئة، بفعل استمرار الحصار الاسرائيلي والعدوان الأخير على قطاع غزة، الذي دمّر الاقتصاد الفلسطيني وأحدث فيه خسائر كبيرة ومباشرة.
وفي حديث إلى "النشرة"، أشار الطبّاع إلى أنّ إسرائيل دمّرت خلال عدوانها على غزة أكثر من 500 منشاة اقتصادية من المنشآت الكبيرة والاستراتيجية، إضافة إلى العديد من المنشآت المتوسطة والصغيرة والتي تمثل كافة القطاعات الاقتصادية؛ التجارية والصناعية والخدمية، والتي يتجاوز عددها عن 4000 منشأة، وتقدر خسائرها الاولية المباشرة بما يزيد على 540 مليون دولار ما يعني ثلاثة أضعاف الخسائر التي ألحقتها الحرب الأولى على القطاعات ذاتها في العام 2008.
وشدّد الطبّاع على وجوب تدخل كل الجهات الدولية ذات العلاقة لمعالجة الأزمات التي يعاني منها قطاع غزة، موضحًا أن المطلوب في الوقت الحالي من أجل الحد من نسب البطالة والفقر، وتعافي الاقتصاد الفلسطيني، خصوصاً في قطاع غزّة، فك الحصار، وفتح المعابر والسماح بحركة تنقل كافة السلع والبضائع من الضفة الغربية المحتلة إلى غزة والعالم دون شروط أو قيود إسرائيلية يفرضها الاحتلال، وتهيئة الأوضاع لتنمية مستدامة في القطاع.
بدون فرص عمل
ويتفق مع الطبّاع، عميد كلية الاقتصاد السابق بجامعة الأزهر في غزة، سمير أبو مدللة، الذي شدّد على أن الاحتلال الاسرائيلي تعمد تدمير الاقتصاد الفلسطيني في عدوانه الأخير على قطاع غزّة، من خلال استهداف المؤسسات التجارية والصناعية والزراعية، مما أسهم في ارتفاع معدلات البطالة والفقر في القطاع المحاصر.
وأوضح أبو مدللة لـ"النشرة"، إن الأرقام الكبيرة التي صدرت بحسب التقديرات الحكومية الرسمية، والتي أظهرت أن خسائر الاقتصاد الفلسطيني بلغت ما يزيد عن 6 مليارات دولار، تشير أن أوضاع الغزيين خصوصاً، والذين كانوا يعيشون من وراء هذه المصانع والمنشآت التي دمرها الاحتلال أصبحت متردية، وأصبحوا بدون فرص عمل.
وأوضح أن الكثير من العائلات أصبحت في خط الفقر، لأن مصدر رزقهم الوحيد أصبح غير موجود، بعد أن دمّر الاحتلال مصانعهم ومنشآتهم وشركاتهم وغيرها، التي كانوا يعتمدون عليها كمصدر دخل أساسي.
وخلص أبو مدللة إلى أنّ "المطلوب معالجة مشكلات الفقر والبطالة التي تعد من المشاكل الخطيرة في الضفة الغربية وقطاع غزة، وبحاجة إلى حل جذري شامل".
أرقام صادمة
وكان تقرير أصدره الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني كشف أنّ عدد العاطلين عن العمل في الأراضي الفلسطينية المحتلة بلغ 337 ألف حتى نهاية العام 2014، وأكد أن نسبة البطالة في السوق الفلسطينية، وصلت إلى نحو 29.1%، في كل من الضفة الغربية وقطاع غزة، فيما بلغ عدد العاملين في الأراضي الفلسطينية (الضفة الغربية وقطاع غزة)، نحو 1.273 مليون شخص، علمًا أنّ 22.9% من العاملين يعملون في القطاع الحكومي، بواقع 39.6% في قطاع غزة، و16.5% في الضفة الغربية.
وبلغ معدل ساعات العمل الأسبوعية للعاملين بأجر في الضفة الغربية 44.3 ساعة أسبوعيا في الربع الثالث لعام 2014 مقابل 43.4 ساعة أسبوعيا في الربع الرابع لعام 2014، كما بلغ معدل أيام العمل الشهرية 22.6 يوم عمل مقابل 22.9 يوم عمل خلال نفس الفترة.
وفي قطاع غزة، انخفضت ساعات العمل الأسبوعية للمستخدمين بأجر من 38.1 ساعة عمل أسبوعياً خلال الربع الثالث لعام 2014 الى 37.2 ساعة عمل أسبوعياً خلال الربع الرابع لعام 2014، في حين ارتفع معدل أيام العمل الشهرية من 23.8 الى 24.0 يوم عمل بين الربعين الثالث والرابع 2014.
أخيراً، ورغم أن الوضع الاقتصادي الفلسطيني خلال العام 2014 كان الأشد سوءاً على مدار سنوات الحصار، فإنه سيزداد تضررا أكثر إذا لم يرفع الحصار كلياً، وتتراجع إسرائيل عن ممارساتها.