رأى عضو لجنة الشؤون السياسية في تيار "المردة" المحامي شادي سعد أننا نعيش في "مرحلة استثنائية" على الصعيدين الامني والسياسي، بعدما طبع الفراغ في رئاسة الجمهورية الواقع السياسي بطابعه، معتبرا ان "ما يشهده مجلس الوزراء لا يمكن وصفه بالتعطيل، بل هو امر طبيعي ناتج عن الخلل الحاصل في الموقع الدستوري الأول".
وأكدّ سعد، في حديث لـ"النشرة"، عدم السعي لاستغلال الفراغ لفرض واقع معين، "بل نعمل وفق معادلة بسيطة ومتوازنة مفادها اننا بقدر حرصنا على استمرارية الحكومة نفضل ان تكون آلية العمل داخلها في ظل الفراغ الرئاسي متمايزة عن آلية العمل بوجود رئيس". وقال: "هذا الامر لا يشكل انتقاصاً من موقع احد خاصة موقع رئيس الحكومة بل هو دفع ايجابي للوصول الى انتخاب رئيس ينهي هذه الأزمة، فعلى الرغم من ان هذا الموضوع جعل من كل وزير بمثابة صاحب حق في النقض، الا انه يوجد صلاحيات للرئيس لا يمارسها على ارض الواقع احد وهي تتمثل في دوره بادراج بنود على جدول اعمال اي جلسة حكومية".
ورأى سعد أن "الالية المعتمدة تهدف الى تعطيل عمل الحكومة بقدر ما هي الية تذكيرية ضاغطة بضرورة الخروج من الفراغ وانتخاب رئيس"، مؤكدا الانفتاح على "اي حوار بنّاء يهدف الى تعديل الالية قليلا دون المس بالاسباب الموجبة التي فرضتها"، موضحًا أنّ "أيّ تعديل يجعل من عمل مجلس الوزراء في الفراغ اسهل من عمله بوجود الرئيس هو تعديل مرفوض كونه يساهم في تشجيع الجميع على التأقلم مع الفراغ ونسيان دور رئيس الجمهورية".
الماضي انتهى الى غير رجعة
وعمّا يحكى عن قيام تكتل وزاري غير معلن يضم وزراء "الكتائب" والوزراء المحسوبين على رئيس الجمهورية السابق ميشال سليمان، قال سعد: "لا اعتقد أنّ التسمية دقيقة خاصة وان اطراف هذا الاجتماع شددوا على انه لقاء تشاوري اكثر مما هو تكتل وزاري".
وأشار سعد إلى أنّ "الكتائب اللبنانية" تتمثل بثلاثة وزراء في هذه الحكومة وخطابها في ما يتعلق بآلية عمل مجلس الوزراء في غياب الرئيس ليس بعيداً عن خطاب سائر الأحزاب المسيحية، لافتاً إلى أنّها بالحد الأدنى تمثل شريحة وازنة في الشارع المسيحي وبالتالي فهي لا تستند الى وهم بل الى واقع.
اما الاطراف الاخرى، فاعتبر سعد أنّ بعضها يشكّل حالات فردية وبعضها الاخر يمثل الماضي الذي انتهى الى غير رجعة "وأعني هنا ما هو متعارف على تسميته حصة الرئيس السابق". وأضاف: "نفهم لا بل نصر على ان يتمثل كل رئيس جمهورية بكتلة كبيرة في كل حكومة يوقع مراسيمها، الا ان هذه الحكومة شكلها الرئيس السابق لتدير الفراغ وهو كان قد عبر عن ذلك مرارا وتكرار، فكان من الافضل ان تكون صورة مطابقة عن الواقع السياسي الحقيقي والفعلي".
انتخاب الرئيس ليس مسألة لبنانية صرفة
واعتبر سعد أنّه "لم يعد خافياً على احد ان موضوع انتخاب رئيس جمهورية يرتبط بأبعاد اقليمية ودولية وليس مسألة لبنانية صرفة"، وقال: "من هنا نجد انه طالما الواقع الاقليمي معقد لن نصل الى انتخاب رئيس".
وأضاف سعد: "الكل يتحدث عن الاتفاق الاميركي الايراني في اذار الجاري الا اننا نجد كتيار المرده ان هناك مواضيع يجب ان نتفق عليها كلبنانيين لنكون على قدر الحفاظ على كياننا. فكما ان المسيحي حريص على ان يتمثل السني افضل تمثيل في رئاسة الحكومة والشيعي كذلك في رئاسة المجلس والدرزي في المواقع التي تعود له سواء وزارياً او ادارياً، هكذا ايضاً على الفريق المسلم ان يرفض اي رئيس لا يمثل الشارع المسيحي حتى لو اجمعت عليه كل القوى العظمى في العالم".
الفساد اجتاح الدولة
وتطرق سعد لملفي المرفأ والكازينو، مشددا على أن "تيار المرده مع الاصلاح الشامل دون اي تحفظ او شرط"، لافتا الى أنّه "لا يمكن للاصلاح ان ينجح الا اذا كانت ركيزته العدالة". وقال: "في الحقيقة ، كل ملف يفتح في لبنان لسبب معين نغوص فيه فنجد ان حجم الفساد في داخله اكبر بكثير من السبب الذي فتح من اجله". وتساءل: "هل يعقل ان مرفقًا عامًا بحجم مرفأ بيروت يدار بطريقة بعيدة كل البعد عن العمل المؤسساتي ومتفلتة من اي رقابة قانونية وكأنه جزيرة معزولة عن الدولة اللبنانية؟"
وأضاف: "نحن وقفنا الى جانب الحق والقانون ولم تكن وقفتنا طائفية على عكس ما أشيع. بكركي هي مرجع وطني دائماً وهي تعاملت مع ملف ردم الحوض الرابع من زاوية وطنية. ولا يمكن في اي دولة تحترم نفسها ان تسمح بكسر مرسوم دون مرسوم او اقدام على تصرف دون قانون او تنفيذ عمل مخالف للدستور".
وأردف قائلا: "باختصار، الدولة مسروقة منذ عقود وهنك اقطاع مالي اخطر من مافيات القتل. المواجهة معه صعبة وطويلة انما لن نسمح بتصوير الموضوع وكأنّ الفساد موجود في مؤسسة دون سواها. الفساد اجتاح الدولة والمطلوب شطف الدرج من الأعلى وليس حصر الموضوع في مؤسسة واحدة وتصويرالفساد انه في المناطق المسيحية وهي المناطق الاكثر حرمانا والاقل تعديا على المال العام".
استقالة فرنجية مجرد تحليلات صحافية
ونفى سعد نفيا قاطعا ما أشيع عن قرار لدى رئيس تيار المردة بالاستقالة من مجلس النواب ليخلفه نجله، وقال: "هذا الموضوع هو عار من الصحة وليس سوى مجرد تحليلات صحفية". وأضاف: "صحيح ان الاستاذ طوني فرنجيه هو مرشح ثابت لاي استحقاق انتخابي كما كانت عليه الحال فيما لو جرت انتخابات 2013، الا ان فكرة استقالة رئيس تيار المرده واجراء انتخابات فرعية غير مطروحة".
وأردف قائلاً: "بحكم قربي من طوني فرنجيه اتمنى ان تكون فترة دخوله الى المجلس النيابي تترافق مع استقرار سياسي ولو بحده الأدنى ليستطيع العمل على ترجمة طموحاته وافكاره".
نشهد اكبر عملية ترحيل للمسيحيين من الشرق
وتناول سعد الوضع الأمني والاعتداءات الأخيرة التي طالت مسيحيي الشرق، وقال: "لبنان في قلب العاصفة. نحن جزء من هذا الشرق، والمؤامرة اليوم كبيرة وخطيرة. نجح المخطط في خلق جماعات تكفيرية بربرية. للأسف، الموضوع اخذ ابعاداً خطيرة ليس اقلها تغيير الدول وتهجير شعوب وابادة اقليات". وأضاف: "صحيح ان القتل والتنكيل والتهجير يطال جميع الطوائف، الا ان المسيحيين لا يستطيعون بسبب عددهم القليل مقاومة هذا الحجم من التعدي. نحن نشهد اكبر عملية ترحيل للمسيحيين من الشرق. المسألة ليست عابرة كما يعتقد البعض، فالموضوع له خلفيات عقائدية صهيونية والمطلوب تفريغ مهد المسيحية من المسيحيين. فبعد فلسطين في منتصف القرن الماضي جاء دور العراق واليوم سوريا".
ودعا سعد "ما تبقى من ضمير عالمي الى المسارعة لقمع وردع هذه المؤامرة كونها خطر يطال جميع الديانات السماوية وجميع شعوب الشرق".