خلّفت العملية العسكرية التي نفذها الجيش في جرود رأس بعلبك الاسبوع الماضي انطباعات مشجعة لدى سائر القوى السياسية التي تؤمن بدور هذه المؤسسة في التصدي للجماعات الارهابية في الداخل وعلى الحدود مع سوريا، والتي باتت تشكل "نوافذ نارية" تستهدف البقاع في حال تمكن المسلحون من تجاوزها.
استبق الجيش "ذوبان الثلوج" ونفذ هجوماً واسعاً في اتجاه مواقع وتلال استراتيجية كان المسلحون يسيطرون عليها وينطلقون منها لاستهداف دوريات الجيش ونقاطه في تلك المنطقة.
واظهر الجيش في عملياته الاخيرة والاحتياطات التي اتخذها في هذا الشأن ثباتاً واطمئناناً، ولا سيما ان ضباطه وجنوده اصبحوا أكثر استشرافاً ورؤية لفهم طبيعة هذا العدو، ما يمنحه المزيد من الثقة ورفع المعنويات وتوجيه الرسائل لكل من يعنيه الامر انه قادر على استعمال السلاح الذي ينتظر وصوله وتسلمه والوقوف في وجه المجموعات الارهابية والتصدي لها.
ولاقى التحرك الاخير للجيش حالاً من الارتياح ايضاً عند رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي يصف عملياته الاخيرة في الجرود وسط ظروف مناخية قارسة وصعبة بـ"الانجاز المهم". ويشدد امام من يسأله عن هذا المعطى بالقول: "ان احسن خطة للدفاع هي الهجوم. جيشنا من افضل جيوش المنطقة وأكثرها بسالة وما ينقصه هو الحصول على الاسلحة والعتاد المطلوبين. ويحتاج في بعض الاحيان الى القرار السياسي الواضح ليقوم بالمهمات المطلوبة منه من دون أي عراقيل تواجهه وتنعكس على الدور المنوط بهه".
ويعود الى الحديث عن ضرورة "الاستثمار في الامن"، وكيف رفع الصوت قبل عامين في ذكرى الإمام موسى الصدر ورفيقيه وطلب تطويع 5 آلاف عسكري "ولو اتممنا هذا الامر لكان هؤلاء خضعوا للتدريب المطلوب واصبحوا في الخدمة".
ولا تخلو لقاءاته الاخيرة واحاديثه امام زواره في عين التينة من الاشادة بالجيش، ليخلص الى القول "انه العلامة المضيئة الوحيدة في ظل الواقع اللبناني المظلم الذي يعيشه اللبنانيون في ايامهم هذه".
وتبقى الصور الظلامية التي تقلق رئيس المجلس والتي لم يفاجأ بها وهي قيام مجموعات من "داعش" واخواته بتحطيم ما يحتويه متحف الموصل من كنوز وحضارات، وكيف اقدم هؤلاء على ذلك في مشهد لا يمت الى الاسلام وأخلاقياته وطريقة تعاطيه مع الحضارات التي سبقته وما حملته من كنوز وتراث انساني.
وأمام تفرج العالم على ارتكابات هذه الجماعات وتخريبها التراث الانساني التاريخي وعدم بروز اصوات اسلامية منددة لدى المراجع المعنية، لا يحبذ بري التعليق على ذلك ولا سيما بعد "المآثر" الاخيرة لـ"داعش" في منطقة الخابور بريف الحسكة لاقتلاع العائلات الآشورية من هذه الارض التي تشكل هي ملح ترابها. وقد عبر عن غضبه هذا امام "اللقاء الارثوذكسي" أمس.
ويردد ان الحل يكمن في العروبة التي تجمع المسلمين والمسيحيين، ويكررها ثلاث مرات في اشارة الى هذا "القالب" الذي لا يزال يتمسك به.
ويأخذه هذا الموقف الى تكرار إعجابه بالاكراد الذين غلبوا قوميتهم على مذاهبهم من سنّة وشيعة وسواهما، وهذا ما حققوه في عين العرب (كوباني) اخيراً وفي محطات قتالية اخرى، على عكس العرب الذين يستمرون في انقساماتهم وتشتتهم، و"بصراحة أقول أتمنى وأفخر أن اكون كردياً ولا أرى هذا الدرك الذي وصلت اليه العروبة التي ستبقى خياري".