ثمة ما يُضحك وما يثير الشفقة والخجل في تصفيق الكونغرس الأميركي، يوم أمس، لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، لكن ثمة أيضاً ما يوضح للعرب والعالم أن هذه هي حقيقة الكونغرس الأميركي: مجرد مطيّة للسياسة الإسرائيلية.
ما يثير الضحك، هو أن مثل هذا التصفيق الجماعي وقوفاً يُذكرنا ببعض ما عندنا ـ العرب ـ من دبلوماسية الغنم أمام الحاكم. يصبح التصفيق مجرد وسيلة لإفهام الخطيب بأننا مجرد أتباع وأننا بتصفيقنا المذلّ نريد عطفه، ونريد أن يرانا نصفق.
وما يثير الضحك أيضاً، أن الكنيست نفسه لم يصفق مرة لنتيناهو بقدر ما صفق أعضاء الكونغرس. ففي إسرائيل مؤيدون ومعارضون للرجل، بينما في الكونغرس لم نر سوى عدد ضيئل جداً من أعضائه بقوا جالسين ولم يصفقوا. ربما يحتفظ هؤلاء بشيء من كرامة حيال رئيسهم، باراك أوباما، الذي جاء نتنياهو يتحداه في عقر داره.
ليس الشعب الأميركي من الشعوب المعروفة بحشريتها للسياسة الدولية. هو يفضل الاهتمام ببلدته أو مدينته أو ولايته، على معرفة ما يجري في العالم، لكن أن يأتي رئيس وزراء إسرائيل ليوجه صفعة من قلب الكونغرس إلى رئيس أميركي، فهذه فعلاً من اللحظات المفصلية في التاريخ الأميركي الحديث (هو أصلاً حديث).
لقد أكد نتنياهو تماماً ما جاء في الكتاب القيم «The Israel Lobby and U.S. Foreign Policy» (اللوبي الإسرائيلي والسياسة الأميركية الخارجية) لمؤلفيه الأستاذين الجامعيين جون ميرشماير وستيفن والت. أكد هذان الكاتبان الصادقان أن كل السياسة الأميركية باتت بيد هذا اللوبي، وهو ما قاله قبلهما السيناتور الشريف بول فيندلي.
لكن ما جرى في الكونغرس أمس يؤكد أيضاً مسألتين جوهريتين: أولاهما أن إسرائيل هلعة فعلاً من إيران، ومن احتمال الاتفاق الأميركي معها، وممّا قد يغير في الاستراتيجيات في المنطقة، وثانيتهما أن أوباما أكثر جرأة مما اعتقدنا حيال إسرائيل، وربما أكثر حاجة مما اعتقدنا إلى توقيع الاتفاق مع طهران. لقد بدأت معركة الكونغرس الفعلية ضده لعرقلة ما قد يتفق عليه.
لو كنت أميركياً لكنت شعرت ببعض الخجل فعلاً. الشعب الأميركي يستحق أفضل من هذا.