عشر سنوات بالتمام والكمال مرّت على انطلاقة تحالف "قوى 14 آذار"، فماذا بقي من هذا التحالف؟ وأين صار؟
في الشكل، ما زال هذا الحلف قائماً، وما زال منسّقه العام فارس انطوان سعيد يقيم سعيداً في مقر الأمانة العامة، ولديه بضعة موظفين يعبّئون فراغ غياب القادة، الذين لم يعودوا يلتقون إلا في المناسبات المتباعدة، ليخرجوا ببيانات: "ما زلنا موجودين".
قبل سنوات، وتحديداً في مثل هذه الأيام من شهر آذار من عام 2011، وعد "قادة 14 آذار" جماهيرهم بـ"الانتفاضة داخل الانتفاضة"، كما وعدوا بالإصلاح، وبالمكاشفة، وبكثير من الأمور.
وعلى مدى السنوات العشر من عمر حركة "السيادة والاستقلال"، فقدت الكثير، فقدت على الأقل بعض رعاتها.. أين هو جون بولتون، الذي منحته هذه القوى "درع ثورة أرزها"، تكريماً له على منحهم اسم "ثورة الأرز"؟ أين هي كونداليزا رايز وسندويشاتها في سفارتها في عوكر في حرب تموز 2006؟ وأين هي ميشال سيسون؛ منزلة الأوامر على القادة الآذاريين "الميامين" إبان توليها مسؤولية سفارة الدولة الأعظم في بيروت؟
أين هم كل هؤلاء وغيرهم؟
عوارض الشيخوخة ظهرت مبكراً على تحالف "ثورة أغصان الأرز"..
الكتائب تبدو واضحة في تمايزها عن "الجماعة"..
لا تنسوا كارلوس إده، فقد أعلن منذ زمن بعيد انسحابه.. وأين هو الياس عطالله، الذي لم يعد يعرف أين مكتب حركته "اليسارية الديمقراطية"، وبديله في المجلس النيابي، النائب أمين وهبي، أعلنها أنه "أزرق" سماوياً حتى النخاع، لأنها الأبقى له في احتمال المحافظة على "النمرة" الزرقاء.
بعد عشر سنوات من حركة "14 آذار" يجدر السؤال: ماذا بقي من مادة لأمانتها العامة؟
المحكمة الدولية الخاصة باغتيال الرئيس رفيق الحريري يتبدل أو يتساقط رؤساءها وأعضاء وموظفون فيها قبل أن يصل كل عام فصل الخريف، واتهاماتها تتبدل وتتغير وفق الحاجة وغب الطلب، فهل تتذكروا اتهاماتها؟
بدأت في سورية، ثم الضباط الأربعة، وبعد حرب تموز التي حققت فيها المقاومة الباسلة انتصاراً نوعياً لم يسبق له مثيل في تاريخ الصراع العربي - "الإسرائيلي" تبدّل الاتهام إلى أربعة عناصر من حزب الله، وثمة حديث عن إمكان إضافة أسماء أخرى.
عشر سنوات ولم تحقق هذه المحكمة إنجازاً هاماً سوى تضييع الجريمة وإدخالها في المتاهات، علماً أنه لم يسبق للمحاكم الدولية على مرّ التجارب أن كشفت جريمة وهي عبارة عن محاكمة المنتصرين للمهزومين..
هكذا كانت محكمة نورمبورغ في ألمانيا ضد النازية التي هزمت على يد الجيش الأحمر السوفياتي الذي احتل برلين، فحاكم الحلفاء هتلر المنتحر والمهزوم، أما محكمة يوغوسلافيا، فأين هو الرئيس ميلوسوفيتش الذي مات في سجنة في ظروف غامضة؟
ماذا بقي من دعاة "السيادة" وحركتهم، وقرار "سلمهم وحربهم، ودولتهم"، فسيد "14 آذار" موجود في واحة "الحرية والديمقراطية" السعودية، وهو مهتم بمتابعة الحواب بين "تياره" وحزب الله في عين التينة، وربما نسي أن هناك "أمانة عامة" ومنسّقاً.
سمير جعجع مشغول بالسباق مع أمين الجميل وميشال عون في المسألة الرئاسية التي تحضر اتصالاتها وملفاتها في الرابية والضاحية وعين التينة، على المستوى الداخلي، دون أي اعتبار لواقع وآمال وتطلعات فارس سعيد وأمانته العامة.
على أبواب الذكرى العاشرة لـ"14 آذار" اجتمع "كوادرها" في البيال، تذكّروا النشوء والارتقاء.. والتطور، فوجدوا أن الحصيلة لا شيء، لذا اتخذوا القرار "الكبير" وأعلنوا لجماهيرهم: ترقبوا ولادة "المجلس الوطني لقوى 14 آذار".. ربما كان هنا ضرورياً أن نذكّر أن هذه القوى سبق لها أن انتشت ذات يوم من شهر تشرين الأول من عام 2011 بولادة ما يسمى "المجلس الوطني السوري"، الذي وجدته بداية كبيرة لمسيرة "الثورة السورية" التي صارت "داعش" و"النصرة" خلاصتها..
"14 آذار" في ذكراها العاشرة قررت الانتفاضة على نفسها وأعلنت عن "نيو بريستول".. لاحظوا شعار "العبور إلى الدولة".. وتابعوا مسيرة الفساد ورموزها.. فلتبقَ "الأمانة العامة" إلى الأبد.. رمزاً وقيادة لـ "ثورة أغصان الأرز".
ببساطة، فكوادر "14 آذار" في "البيال" لا يريدون الاستمرار تحت شعارات الحوار الإسلامي - الإسلامي والحوار المسيحي – المسيحي، فهذا برأيهم يكرّس الانقسام والمذهبية.
ببساطة، قرروا "الانتفاضة على الانتفاضة" دون أن يعلنوا عن ذلك، قرروا ولادة "المجلس الوطني لقوى 14 آذار" من أجل إبداع وخلق وابتكار أفضل وأحسن الخيارات السياسية في مسيرة سيادتهم واستقلالهم، لكن من أين يأتون بالملهم جون بولتون، وكوندي وسيسون.. وفي وقت قررت فيه إدارة البيت الأبيض المضي في مسيرة الاتفاق النووي مع إيران!
فلتبقى "الأمانة العامة لقوى 14 آذار" رمزاً لقيادة "ثورة أغصان الأرز".