على الرغم من الايجابيات التي يبديها طرفا الحوار المسيحي، وفي ظل ما يشاع عن اقتراب انعقاد اللقاء المنتظر بين رئيس تكتّل "التغيير والاصلاح" النائب ميشال عون ورئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع، فان بطئًا أصاب عجلة الحوار بانتظار عمليّة الصيانة ليعود الى السير من جديد.
مصادر مطّلعة على مجريات اللقاءات الحاصلة تؤكد أن لقاء رباعيا يجمع النائب عون وجعجع الى النائب أمين سر تكتّل "التغيير والاصلاح" النائب ابراهيم كنعان ورئيس جهاز الإعلام والتواصل في "القوات اللبنانية" ملحم رياشي لن يكون قريباً. أما أسباب عرقلة الحوار فهي كثيرة:
1- اصرار النائب ستريدا جعجع على معالجة وضع أحد الصحافيين، بعد عرض شريط مصوّر أظهرها مرحّبة بالاعتداء الاسرائيلي على حزب الله في الجنوب(1)، في حين تبيّن لاحقاً أن الشريط مجتزأ وأنها لم تقل ذلك، ممّا فرمل عمليّة الحوار الجارية بانتظار ايجاد المخرج اللازم لهذه العقبة والتي لم تكن هي الوحيدة.
2- الدعاوى المقامة بحق عدد من الصحافيين من الطرفين وخصوصاً الدعوى المقامة من "التيار الوطني الحر" بحق ط. أ. ن. قبيل عزله من منصبه في حزب "القوات" وتبلّغه بدعوى جديدة بحقّه لا سيّما بعد اعلان الفريقين عزمهما اسقاط الدعاوى المقامة بحق الصحافيين من الجهتين.
3- اعتراض القواتيين على استمرار الهجوم على شخص رئيس حزب "القوات" سمير جعجع من قبل بعض الصحافيين المؤيّدين لعون.
4- تكرار الحلقة المقرّبة من جعجع أن الحوار بين الفريقين لن يفضي الى موافقة جعجع على وصول عون الى رئاسة الجمهورية.
5- تكرار الحلقة المقرّبة من عون في مجالسها الخاصة أن الحوار بين الجانبين يفضي الى انتزاع اعتراف جعجع بأحقيّة عون بالوصول الى رئاسة الجمهورية.
أما تخطي كل هذه العراقيل فلا يزال في بدايته، ذلك أن الهدف الرئيس يكمن في عدم الاعلان عن فشل الحوار لأن في ذلك وباعتراف الطرفين ضربة موجعة للوجود المسيحي ولموقع الرئاسة الأولى. وما توصّل اليه الجانبان يكمن في عدة نقاط يتم العمل عليها وهي:
- تعهّد عوني بمنع تكرار أخطاء كالخبر الكاذب الّذي تم بثه عن النائب جعجع وعدم الهجوم على شخص سمير جعجع وزوجته.
- تعهّد قوّاتي بعدم الهجوم على عون وبعدم فرملة الحوار تحت أي ذريعة ترتبط بزمن ما قبل الحوار.
والأكيد أن بعض الدعاوى بحق الصحافيين لا تزال قائمة، وأن الجمر لا يزال تحت الرماد وأن لا قدرة للمتحاورين على تخطي الكمّ الهائل من الخلافات بين الجانبين بسرعة قياسيّة. أما في ما خص الملاحظات التي دوّنها رئيس حزب "القوات" سمير جعجع على ورقة اعلان النوايا فيجزم المصدر استحالة موافقة عون عليها.
وفي موقف يختصر المشهد الراهن، يقول أحد المتحاورين أن ما تم التوافق عليه لا يعدو كونه عشرين بالمئة والثمانون المتبقية لا يمكن حلّها الا باجتماع النائب عون وسمير جعجع وهو ما بات صعباً كون الرجلين لن يجتمعا الا لاعلان اتفاق وليس للاعلان عن نواياهما بالوصول الى اتفاق.
يبقى من المؤكّد حتى الساعة عدم التوصل الى أي اتفاق بين الجانبين، وما يجري بينهما حاليًّا قد يتخطّى الخلافات الصغيرة التي تعرقل الحوار بينهما.
(1) في 28 كانون الثاني، وبعد العملية التي نفذها "حزب الله" في شبعا انتقامًا لشهدائه في القنيطرة، وقيام الطيران الإسرائيلي بقصف بعض الأهداف جنوباً، عرضت إحدى القنوات التلفزيونية شريطاً يُظهر النائب ستريدا جعجع تقول "ولعانة بالجنوب؟ إن شاء الله يا رب"، ليتبيّن في ما بعد أنّ الشريط مجتزأ، وأنّ النائب جعجع كانت قد قالت وقتها "إن شاء الله يا رب ما يصير شي".