تصاعدت الاعتداءات القمعية بحقّ الأسرى الفلسطينيين في السجون والمعتقلات الإسرائيلية، خصوصاً بعد عملية طعن أحدهم لضابط إسرائيلي في سجن "ريمون" الصحراوي الأسبوع الماضي، رداً على سلسلة الاجراءات والتضييقات التي قامت بها مصلحة السجون الإسرائيلية في الفترة الأخيرة، كالاعتداء عليهم ونقلهم من سجن إلى آخر، ووضعهم في زنزانات انفرادية والتنكيل بهم، إضافة إلى حرمان أهلهم وذويهم من الزيارة.
وفتحت هذه الانتهاكات والممارسات الباب واسعًا أمام "انتفاضة" داخل سجون الاحتلال، وسلسلة احتجاجات ترافقها خطوات تكتيكية تصاعدية، تبدأ في العاشر من شهر آذار الحالي وتمتد حتى شهر نيسان، وقد تتطور إلى إضراب جماعي مفتوح عن الطعام في حال لم يكن هنالك تجاوب مع المطالب.
ومن الخطوات التصعيدية التدريجية على عدّة مراحل، أولها إضراب عن الطعام يومين أسبوعياً لمدّة أسبوعين كمرحلة أولى، والإضراب عن الطعام يوماً بعد آخر يصحبه رفض فحص الغرف اليومي كمرحلة ثانية، ورفض التشخيص المسائي كمرحلة ثالثة، وإعلان حالة العصيان حتى الخامس عشر من نيسان المقبل كمرحلة رابعة، وصولاً إلى إعلان إضراب مفتوح عن الطعام يوم 17 نيسان، ويشمل الامتناع عن شرب الماء بعد اليوم الثالث من الاضراب.
إلغاء لكل التفاهمات
وفي هذا الإطار، يؤكد الناطق الإعلامي باسم مؤسسة مهجة القدس للأسرى والمحررين ياسر صالح أن إدارة مصلحة السجون الإسرائيلية ألغت كل التفاهمات السابقة ومارست سياسة الاعتداء والقمع في مختلف السجون، وخصوصاً في سجني "ريمون" و"النقب" الصحراوي.
وفي حديث إلى "النشرة"، يقول صالح إن ما حدث دفع بالمعتقلين الفلسطينيين للوقوف في وجه كل هذه الممارسات القمعية، التي تمارسها مصلحة إدارة السجون من خلال عزلهم والاعتداء عليهم والتنكيل بهم وغيرها من الممارسات، ما أحدث توتراً داخل السجون.
ويقول صالح، وهو أسير محرر أيضاً، إن قيام الفلسطيني حمزة أبو صواوين بطعن الضابط الإسرائيلي في سجن "ريمون" رد طبيعي على جرائم وممارسات الاحتلال، وانتقاماً لزملائه، داعياً الجماهير الفلسطينية إلى تكثيف مشاركتها في النشاطات التضامنية مع الأسرى في سجون الاحتلال، ومطالبا باستمرار الفعاليات في مختلف الأراضي الفلسطينية والشتات تنديداً بالممارسات القمعية داخل السجون.
ومنذ عام 2014 وحتى هذا التاريخ شهدت السجون ما يزيد عن 400 عملية مداهمة واقتحام وحشية لغرف وأقسام الأسرى، من خلال قوات مدججة وبكلاب بوليسية، واعتداء على المعتقلين ومصادرة اغراضهم وتخريب ممتلكاتهم الشخصية.
ضرورة الاشتباك مع الاحتلال
وبينما دعا الناطق الإعلامي باسم مؤسسة مهجة القدس ياسر صالح إلى تكثيف النشاطات التضامنية، طالب الأسير المحرر مصطفى المسلماني بضرورة الاشتباك مع الاحتلال في الضفة الغربية المحتلة وخصوصا في النقاط العسكرية والحواجز وغيرها، ومواجهة ممارسات المستوطنين في مختلف مناطق الضفة الغربية المحتلة.
وقال لـ"النشرة": "نناشد أهلنا في الضفة الغربية المحتلة بالاحتكاك قدر الاستطاعة مع قوات الاحتلال والمستوطنين، لمواجهة كل الاعتداءات وليعلموا أن أسرانا الأبطال هم أحرار ورجال عزة وكرامة ومقاومة، كي توقف مصلحة السجون الإسرائيلية إجراءاتها القمعية تجاههم".
وأوضح المسلماني أن الفلسطينيين يحتاجون لمن يدافع عنهم وينتصر لقضاياهم المشروعة، على المستوى المحلي والدولي والإقليمي. وأضاف: "هم أصحاب قضية ويجب ألا نتركهم يواجهون وحدهم السجان الإسرائيلي الغاصب".
وشهدت هذه الفترة قفزة كبيرة في حجم الاعتقالات حيث ارتفع عدد المعتقلين من 4000 إلى 7000 منذ حزيران 2014، وشمل ذلك حملات اعتقال واسعة في صفوف الأطفال.
تهدئة أم تصعيد؟
رغم ذلك، لا يتوقع رئيس دائرة الإحصاء في هيئة شؤون الأسرى الفلسطينية عبد الناصر فروانة أن تشهد السجون انتفاضة في المدى المنظور، إذ يرى أنّ المستوى السياسي والأمني في إسرائيل يبحث عن تهدئة الأوضاع داخل وخارج سجون الاحتلال وعدم تصعيدها، مستبعداً أن تشهد الفترة الحالية التي تسبق الانتخابات الإسرائيلية أو التي تعقبها بفترة وجيزة، أي تصعيد داخل السجون وخارجها.
وفي حديث لـ"النشرة"، اعتبر فروانة أن الأمور تسير نحو التهدئة، يمكن من خلالها وقف بعض الممارسات الإسرائيلية، وحل اشكاليات ثانوية ومؤقتة، لكنه شدد في الوقت ذاته على أن المشكلة الرئيسية وجذورها ستبقى مستمرة إذا لم يتم حل القضية داخل سجون الاحتلال.
أخيراً، يشعر الأسرى الفلسطينيون أنّ كل الممارسات القمعية بحقهم، ناتجة عن قرار رسمي إسرائيلي لملاحقتهم واستهدافهم والضغط عليهم، وأنهم أصبحوا في دائرة الانتقام الإسرائيلي، لتصبح كلّ الاحتمالات مفتوحة في القادم من الأيام، لجهة إمكانية تصاعد التوتر والاعتداءات في السجون وصولاً إلى "انتفاضة الأسرى".