بدأ تنظيم «داعش» يفقد عددا من مناطقه اثر العمليات العسكرية ضده سواء اكانت من قبل قوات التحالف ام البشمركة الكردية او الجيش العراقي بالتنسيق مع الميليشيات الشعبية في العراق، بحيث من المرتقب حسب اوساط ديبلوماسية عراقية، ان ينحسر حضور هذا التنظيم تحت وقع الضربات غير المنسقة ضده، بعد ان بدأت موارده المالية تجف مما بات يحد من امكانية تجنيد مقاتلين، عدا عن تضرر شق واسع من آلياته العسكرية وخسارته بعضها وعدم تمكنه من استحصال على قطع غيار لبعض منها.
وان كانت الاوساط تجزم بأن المعركة ضد «داعش» في العراق ستنتهي بالقضاء على الهيكلية التنظيمية له، دون القضاء على فكره الاجرامي، فانها ترى ان فلول هذا التنظيم في العراق ستتراجع الى الداخل السوري، حيث عندها ستكون المواجهة المعقدة وعدم امكانية الحسم، نظرا لانتشاره في مناطق واسعة وعدم وجود قوات عسكرية قادرة على انهائه على غرار ما يحصل في العراق من نتائج قد تنسجب على كامل الاراضي العراقية.
وتتابع الاوساط ان المأزق الذي يواجه القوى التي تقاتل «داعش» المنضوية في التحالف الدولي، يكمن في عدم قدرتها على حسم الامر من خلال الاستمرار في الضربات الجوية، بل المطلوب تحرك ميداني على غرار ما شهده عدد من مناطق العراق التي هرب منها «داعش» قبل ان يقاتل وينهزم بعدما تبينت له قوة وقدرات القوى المواجهة له.
وفي منطق هذه الاوساط ذات الخبرة العسكرية، بان انسحاب «داعش» وتعزيز حضوره داخل سوريا، لا يعنيان انه أضحى بين «فكي كماشة» اذ ان قوات النظام السوري لم تبدأ قتالا عمليا ضده، بعد، ولا هي في حال قررت القضاء عليه قادرة على ذلك، لكون الأمر يتطلب تقدما للقوات العسكرية السورية ميدانيا وهو ما ليس المتوفر حاليا، لكون الرئيس السوري بشار الاسد يركز على الدفاع عن عدد من المناطق الاستراتيجية المتاخمة للعاصمة دمشق. وان التقدم الذي يحققه الجيش السوري في عدد من المناطق يقابله تقدم لقوات المعارضة العسكرية في غير مناطق، بما لا يجيز لقوات الرئيس الاسد الانتشار، والسيطرة والبقاء في هذه المواقع اذا ما كانت الجبهات كلها متحركة في وقت واحد.
ويكمن المأزق الثاني، تتابع الاوساط، في عدم ظهور اي مؤشرات لقدرات عسكرية للدول المنضوية في التحالف الدولي للجوء الى اعمال ميدانية انطلاقا من الاردن، او تركيا، في الوقت الحاضر. ولذلك سيتم التركيز في المرحلة الاولى على «تجميل» صورة تنظيم النصرة وتفريقه عن «داعش» الذي تقاتله في موازاة النظام الذي حقق اهدافا موجعة عليه منذ يومين باصابة مركز اساس له ومقتل قياديين كبار له.
وتربط الاوساط العمل الميداني الذي ستلجأ اليه يوما قوات ضد التحالف، بالحوار حول مستقبل الرئيس السوري لدفعه للقبول بتسوية سياسية جديدة، بعد ان سقطت مقررات مؤتمرات جنيف، بحيث يتم رسم صورة جديدة للنظام السوري بالتفاهم مع كل من روسيا وايران في مقابل تحضير قوات عسكرية للدخول الى الاراضي السورية للقضاء، بالتعاون مع المعارضة السورية، على تنظيم «داعش» والدخول في ترجمة العملية السياسية... لكن ليس في المدى القريب تتابع الاوساط اذ حاليا لا تدل الوقائع السياسية على ان هذه الخطوات قريبة المدى.